للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَدَاءُ عُرْفًا إعْلَامُ الشَّاهِدِ الْحَاكِمَ بِشَهَادَتِهِ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِمَا شَهِدَ بِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَيْنًا عَلَى مَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى عَدَدٍ يَثْبُتُ بِهِ الْمَشْهُودُ بِهِ، وَوَاجِبُ كِفَايَةٍ عَلَى مَنْ زَادَ عَدَدُهُ عَلَيْهِ حَاضِرًا كَوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ اثْنَانِ وَمِنْ خَمْسَةٍ فَصَاعِدًا فِي الزِّنَا.

(مِنْ كِبَرِ يَدَيْنِ) سَحْنُونَ: إنْ كَانَ الشُّهُودُ عَلَى بَرِيدٍ أَوْ بَرِيدَيْنِ وَيَجِدُونَ الدَّوَابَّ وَالنَّفَقَةَ لَمْ يُعْطِهِمْ رَبُّ الْحَقِّ دَوَابَّ وَلَا نَفَقَةً، فَإِنْ فَعَلُوا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا نَفَقَةً وَلَا دَوَابَّ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُكْرِيَ لَهُمْ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ.

قَالَ: وَإِنْ كَانُوا عَلَى مِثْلِ السَّاحِلِ مِنَّا كَتَبَ الْقَاضِي إلَى رَجُلٍ يَشْهَدُ عِنْدَهُ الشُّهُودُ فَيَكْتُبُ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَا يَعْنِي الْمَشْهُودَ إلَيْهِ بِالْقُدُومِ قِيلَ: كَمْ بُعْدُ السَّاحِلِ مِنَّا؟ قَالَ: سِتُّونَ مِيلًا (وَعَلَى ثَالِثٍ إنْ لَمْ يَجْتَزْ بِهِمَا) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: الْأَدَاءُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى عَدَدِ مَنْ يَثْبُتُ بِهِ الْمَشْهُودُ بِهِ. ثُمَّ قَالَ: مِنْ خَمْسَةٍ فَصَاعِدًا فِي الزِّنَا.

(وَإِنْ انْتَفَعَ بِجُرْحٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ سَحْنُونٍ إنْ أَعْطَاهُمْ رَبُّ الْحَقِّ دَوَابَّ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ إلَّا أَنْ لَا يَجِدُوا (إلَّا رُكُوبَهُ لِعُسْرِ مَشْيِهِ وَعَدَمِ دَابَّةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: الْقُرْبُ الَّذِي يَلْزَمُ الشَّاهِدَ الْإِتْيَانُ لِأَدَاءِ شَهَادَتِهِ قِسْمَانِ: قَرِيبٌ جِدًّا تَقِلُّ فِيهِ النَّفَقَةُ وَمُؤْنَةُ الرُّكُوبِ، هَذَا لَا يَضُرُّ الشَّاهِدَ رُكُوبُ دَابَّةِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ وَلَا أَكْلُ طَعَامِهِ.

وَغَيْرُ قَرِيبٍ جِدًّا تَكْثُرُ فِيهِ النَّفَقَةُ وَمُؤْنَةُ الرُّكُوبِ، وَهَذَا تَبْطُلُ فِيهِ شَهَادَتُهُ إنْ رَكِبَ دَابَّةَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَلَهُ دَابَّةٌ أَوْ أَكَلَ طَعَامَهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ. وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَا عَلَى اكْتِرَاءِ دَابَّةٍ وَهُوَ مِمَّنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ رَاجِلًا لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ إنْ أَنْفَقَ لَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ اكْتَرَى لَهُ دَابَّةً. وَقِيلَ: تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ مُبْرِزًا فِي الْعَدَالَةِ. قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ.

ابْنُ عَرَفَةَ: لِأَنَّ حَسَنَاتِ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ، وَعَكَسَ ابْنُ الْحَاجِبِ.

(لَا كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ) سَحْنُونَ: إنْ كَانَ الشُّهُودُ عَلَى مِثْلِ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَأَكْثَرَ لَمْ يَشْخَصُوا مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ وَلْيَشْهَدُوا عِنْدَ مَنْ يَأْمُرُهُمْ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْبِلَادِ وَيَكْتُبُوا بِمَا شَهِدُوا بِهِ عِنْدَهُ إلَى الْقَاضِي.

(فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِدَابَّةٍ وَنَفَقَةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الْبُعْدِ بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ فَلَا يَضُرُّهُ أَكْلُ طَعَامِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَلَا رُكُوبُ دَابَّتِهِ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ. وَإِنْ احْتَجَبَ السُّلْطَانُ عَنْ الشَّاهِدِ لَمْ يَضُرَّهُ إنْفَاقُ الْمَشْهُودِ لَهُ مُدَّةَ انْتِظَارِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَيَنْصَرِفُ. وَقِيلَ: تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ذِكْرًا انْتَهَى.

اُنْظُرْ حُكْمَ الِانْتِفَاعِ عَلَى الْأَدَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى التَّحَمُّلِ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فِي جَوَازِ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى التَّحَمُّلِ خِلَافٌ وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَغَيْرِهَا عَلَى أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَحَمُّلِهَا بِالْكُتُبِ فِيمَنْ انْتَصَبَ لَهَا وَتَرَكَ التَّسَبُّبَ الْمُعْتَادَ مِنْ أَجْلِهَا وَهُوَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>