للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّاجِعِ الْمُتَمَادِي فِي رُجُوعِهِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ رُجُوعَ الشَّاهِدِ عَنْ شَهَادَتِهِ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا أَتْلَفَ بِشَهَادَتِهِ.

(فَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ وَحَكَمَ فَالْقِصَاصُ) الْمَازِرِيُّ: لَوْ أَنَّ الْقَاضِي عَلِمَ بِكَذِبِ الشُّهُودِ فَحَكَمَ بِالْجَوْرِ وَأَرَاقَ هَذَا الدَّمَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الشُّهُودِ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْقَتْلَ بِنَفْسِهِ بَلْ أَمَرَ بِهِ مَنْ تَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ.

ابْنُ عَرَفَةَ: اتَّبَعَ ابْنُ شَاسٍ الْمَازِرِيَّ فِي هَذَا، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَقَرَّ الْقَاضِي أَنَّهُ رَجَمَ أَوْ قَطَعَ الْأَيْدِي أَوْ جَلَدَ تَعَمُّدًا لِلْجَوْرِ أُقِيدَ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْقَوَدَ يَلْزَمُ الْقَاضِي إنْ لَمْ يُبَاشِرْ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمَازِرِيِّ وَمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ رَاجِعْ ابْنَ عَرَفَةَ.

(وَإِنْ رَجَعَا عَنْ طَلَاقٍ فَلَا غُرْمَ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ إنْ دَخَلَ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ) أَمَّا رُجُوعُهُمَا عَنْ طَلَاقٍ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا رَجَعَا فِي عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْمُعْتَقِ.

وَفِي الطَّلَاقِ إنْ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ ضَمِنَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ وَيَضْمَنَانِ الدَّيْنَ وَيَضْمَنَانِ الْعَقْلَ فِي الْقِصَاصِ فِي أَمْوَالِهِمَا. انْتَهَى نَصُّ ابْنِ يُونُسَ.

وَقَالَ عِيَاضٌ: عِنْدَنَا فِي الْأَصْلِ ضَمِنَا نِصْفَ الصَّدَاقِ حَمَلَهُ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ إنْ غَرِمَهُ الزَّوْجُ، وَحَمَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ إنْ غَرِمَهُ لِلْمَرْأَةِ. وَأَمَّا رُجُوعُهُمَا عَنْ عَفْوِ الْقِصَاصِ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ رَجَعَا فِي شَهَادَةِ الطَّلَاقِ وَأَقَرَّا بِالتَّعَمُّدِ نَفَذَ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا كَشَهَادَةِ عَفْوِ الْقِصَاصِ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ سَحْنُونَ: إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعَفْوِ وَلِيِّ الدَّمِ عَنْ قَاتِلِ وَلِيِّهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِإِسْقَاطِ الْقَوَدِ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا، وَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ.

وَشَبَهُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِرُجُوعِهِمَا عَنْ الطَّلَاقِ. سَحْنُونَ: وَيُجْلَدُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً وَيُؤَدَّبُ الشَّاهِدَانِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَغْرَمَا الدِّيَةَ لِأَنَّ لَهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ.

(كَرُجُوعِهِمَا عَنْ دُخُولِ مُطَلَّقَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ رَجَعَا فِي شَهَادَةِ الدُّخُولِ فِي مُطَلَّقَةٍ غَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ وَهُوَ نَصُّ الْجَلَّابِ: لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ فِي زَوْجَةٍ لَهُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا وَهُوَ مُقِرٌّ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَمُنْكَرٌ لِلدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا غَرِمَا لَهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَاَلَّذِي لَزِمَهُ بِشَهَادَتِهِمَا.

(وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>