وَالْجَوَابُ وَالْيَمِينُ وَالنُّكُولُ وَالْبَيِّنَةُ (وَإِنْ أَمْكَنَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ جُمِعَ) ابْنُ شَاسٍ: الرُّكْنُ الْخَامِسُ الْبَيِّنَةُ.
قَالَ: وَقَدْ ذَكَرْتُ شُرُوطَهَا وَصِفَاتِهَا فِي الشَّهَادَاتِ، وَالْمَقْصِدُ هَاهُنَا فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَمَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جُمِعَ.
ابْنُ عَرَفَةَ: تَتَقَرَّرُ صُوَرُ الْجَمْعِ مِثْلُ قَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَسْلَمْتُ إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ لِثَوْبَيْنِ سِوَاهُ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ، لَزِمَهُ أَخْذُ الثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ (وَإِلَّا رَجَحَ بِسَبَبِ مِلْكِهِ كَنَسْجٍ وَنِتَاجٍ إلَّا بِمِلْكٍ مِنْ الْمُقَاسِمِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا يَتَقَرَّرُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي دَابَّةٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُقَاسِمِ، فَهِيَ لِمَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُقَاسِمِ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ هَذِهِ تُسْرَقُ وَتُغْصَبُ وَلَا تُحَازُ عَلَى النَّاتِجِ إلَّا بِأَمْرٍ يَثْبُتُ، وَأَمْرُ الْمَغْنَمِ قَدْ اسْتَوْقَنَ أَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ بِحِيَازَةِ الْمُشْرِكِينَ.
وَلَوْ وُجِدَتْ فِي يَدِ مَنْ نَتَجَتْ عِنْدَهُ وَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ أَخَذَهَا مِنْهُ أَيْضًا، وَكَانَ أَوْلَى بِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ وَيَأْخُذَهَا.
قَالَهُ سَحْنُونَ. وَقَالَ أَيْضًا: لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ مِلْكُهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ السُّوقِ كَانَتْ لِذِي الْمِلْكِ. اللَّخْمِيِّ: وَالشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ أَنْ تَطُولَ الْحِيَازَةُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ أَنَّ أَمَةً لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَتَى أَحَدُهُمَا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا لَهُ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِشَيْءٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ وَلَدَتْ عِنْدَهُ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِشَيْءٍ، قُضِيَ بِهَا لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: وَالنَّسْجُ مِثْلُ الْوِلَادَةِ.
وَلِابْنِ سَحْنُونٍ: الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ تُقَدَّمُ عَلَى الْبَيِّنَةِ بِالنَّسْجِ وَيَقْضِي لِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِالنَّسْجِ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ بَعْدَ حَلِفِهِ مَا عَلِمَهُ بَاطِلًا. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَائِزِ وَالْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى نِتَاجٍ أَوْ نَسْجٍ كَانَ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ عِنْدَ تَكَافُؤِ الْبَيِّنَةِ.
(أَوْ تَارِيخٍ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ كَانَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَةً وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةً قُدِّمَتْ الْمُؤَرَّخَةُ عَلَى الْمُطْلَقَةِ، وَذَكَرَ اللَّخْمِيِّ فِي هَذَا قَوْلَيْنِ فَانْظُرْهُ (أَوْ تَقَدُّمِهِ) اللَّخْمِيِّ: وَإِنْ أُرِّخَتَا قَضَى بِالْأَقْدَمِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَعْدَلُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ تَحْتَ يَدِ ثَالِثٍ أَوْ لَا يَدَ عَلَيْهَا، وَاخْتُلِفَ إذَا أُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا.
اُنْظُرْ الشَّهَادَاتِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ فِي تَرْجَمَةِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ يُقِيمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً.
(وَبِمَزِيدِ عَدَالَةٍ لَا عَدَدٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ كَانَتْ فِي يَدَيْهِ دُورٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ عُرُوضٌ وَدَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ، فَادَّعَى ذَلِكَ رَجُلٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ مِنْ ذَلِكَ بِيَدِهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ،