لِلطَّالِبِ، فَلْيَفْهَمْ مَقْصُودِي وَاَللَّهُ تَعَالَى يَجْعَلُنَا مِنْ الْمُتَعَاوِنِينَ عَلَى طَاعَتِهِ بِمَنِّهِ وَرَحْمَتِهِ.
(لَا بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ إلَّا بِكَهِبَةٍ إلَّا أَنْ يَطُولَ مَعَهَا مَا تَهْلِكُ الْبَيِّنَاتُ وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ) ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا حِيَازَةُ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ وَالِابْنِ عَلَى أَبِيهِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ، وَلَا فِي أَنَّهَا تَكُونُ بِالتَّفْوِيتِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَطْءِ.
وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحُوزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ وَالْغَرْسِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَحُوزُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إنْ ادَّعَاهُ مِلْكًا لِنَفْسِهِ قَامَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمَدُ جِدًّا إلَى مَا تَهْلِكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ. وَمِنْ نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ: الْحَوْزُ لَا يَقْطَعُ حَقَّ الْقَرَابَةِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ بَيْنَهُمْ مِنْ عَدَمِ الْمُسَامَحَةِ وَالتَّشَاحِّ مَا لَا يُتْرَكُ فِيهِ الْحَقُّ هَذِهِ الْمُدَّةَ فَيَكُونُ لِذَلِكَ الزَّمَانِ الْإِسْقَاطُ. وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا لِلْمَازِرِيِّ فِيمَنْ طَلَبَ رَهْنًا زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ فِي حَقٍّ قِبَلَهُ مُنْذُ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ فَأَجَابَ: إنْ كَانَ مِثْلُ هَذَا لَا يَسْكُتُ عَنْ طَلَبِ مَا ذَكَرَ طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَسْقُطُ.
وَأَجَابَ ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ ادَّعَى عَقَارًا بِيَدِ غَيْرِهِ لَا يُسْأَلُ الْمَطْلُوبُ مِنْ أَيْنَ صَارَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ لُبٍّ: عُقُودُ الْأُصُولِ لَا تُوجِبُ اسْتِحْقَاقًا مِنْ يَدٍ مِنْ الشَّيْءِ بِيَدِهِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ.
(وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدُّورُ مِنْ غَيْرِهَا فِي الْأَجْنَبِيِّ فَفِي الدَّابَّةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ السَّنَتَانِ وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ وَعَرْضٍ) ابْنُ رُشْدٍ: لَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ حِيَازَةِ الْوَارِثِ لِوَرَثَتِهِ بَيْنَ الرِّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ ذَلِكَ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ مَالَ الْأَجْنَبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute