الْأُمُّ وَالْإِخْوَةُ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ مَعَهَا، فَإِنْ اجْتَمَعَتْ الْأُمُّ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَصَبَةُ فَاتَّفَقَ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ عَلَى الْعَفْوِ مَضَى عَلَى الْأَخَوَاتِ، وَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ لَمْ يَمْضِ عَلَى الْأُمِّ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَخَوَاتِ بَنَاتٍ لَمَضَى عَفْوُ الْعَصَبَةِ وَالْبَنَاتِ عَلَى الْأُمِّ، وَلَمْ يَجُزْ عَفْوُ الْعَصَبَةِ وَالْأُمِّ عَلَى الْبَنَاتِ لِأَنَّهُنَّ أَقْرَبُ.
ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا تَحْصِيلُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا (وَالْبِنْتُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا ابْنَةً وَإِخْوَةً فَالْبِنْتُ أَوْلَى بِالْقَتْلِ وَبِالْعَفْوِ. وَهَذَا إذَا مَاتَ مَكَانَهُ، وَإِنْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْتَسِمَا لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ وَلْيَقْسِمْ الْعَصَبَةُ، فَإِنْ أَقْسَمُوا وَأَرَادُوا الْقَتْلَ وَعَفَتْ الِابْنَةُ فَلَا عَفْوَ لَهَا، وَإِنْ أَرَادَتْ الْقَتْلَ وَعَفَا الْعَصَبَةُ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ مِنْهَا وَمِنْهُمْ أَوْ مِنْهَا وَمِنْ بَعْضِهِمْ، وَإِنْ كَانَ جُلًّا لَا عَصَبَةَ لَهُ وَكَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَقْسَمَتْ أُخْتُهُ وَابْنَتُهُ وَأَخَذُوا الدِّيَةَ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لَمْ يَجِبْ الْقَتْلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَإِنَّ عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ نُظِرَ الْحُكْمُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ رَجُلٌ لَا تُعْرَفُ عَصَبَتُهُ فَقُتِلَ عَمْدًا وَمَاتَ مَكَانَهُ وَتَرَكَ بَنَاتٍ فَلَهُنَّ الْقَتْلُ، فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُنَّ وَطَلَبَ بَعْضُهُنَّ الْقَتْلَ، نَظَرَ السُّلْطَانُ بِالِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ عَدْلًا، فَإِنْ رَأَى الْعَفْوَ أَوْ الْقَتْلَ أَمْضَاهُ (وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا أَوْ بَعْضِهِمَا) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ " وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ يُرِيدُ أَوْ بِاجْتِمَاعِ بَعْضِ الصِّنْفَيْنِ (وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ عَفَا وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى إلْزَامِ الْقَاتِلِ دِيَتَهُ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ الْقَاتِلَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ عَفَوْت وَلَمْ تَشْتَرِطْ شَيْئًا ثُمَّ تَطْلُبُ الدِّيَةَ فَلَا شَيْءَ لَك.
رَاجِعْهُ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَدِيَةٌ لِعَافٍ ". وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا فِي قَاتِلِ الْعَمْدِ يَقُولُ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ نَعْفُو وَلَمْ يَعْفُ بَعْضُهُمْ فَنَصِيبُ مَنْ لَمْ يَعْفُ مِنْ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذْ لَا سَبِيلَ لِتَبْعِيضِ الدَّمِ فَزَالَ الْقَتْلُ وَصَارَ كَعَمْدِ الْمَأْمُومَةِ، وَإِنْ عَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ سَقَطَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا بَيْنَ مَنْ بَقِيَ يَدْخُلُ فِيهَا الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا. الْبَاجِيُّ: فَإِنْ عَفَا الْبَنُونَ الذُّكُورُ كُلُّهُمْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَسْقُطُ حَظُّ الْبَنَاتِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَقَالَهُ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ.
(كَإِرْثِهِ وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ " مِنْ نَفْسِهِ " وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: مَنْ وَرِثَ قِصَاصًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ قِسْطًا مِنْهُ سَقَطَ الْقَوَدُ. وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ مَا نَصُّهُ: مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَلَمْ يُقْتَلْ حَتَّى مَاتَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَكَانَ الْقَاتِلُ وَارِثُهُ، بَطَلَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ وَلِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ.
قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute