بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا فَرْضًا مِنْ الدِّيَةِ) ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَهَذِهِ الْجِنَايَةُ إمَّا جُرْحٌ وَإِمَّا إبَانَةٌ، وَإِمَّا إبْطَالُ مَنْفَعَةٍ. الْأَوَّلُ الْجُرْحُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ تَرْتِيبِهِ، وَفِي جَمِيعِهِ الْحُكُومَةُ إلَّا الْمُوضِحَةَ فَفِيهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ.
وَمِنْ الْكَافِي: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الشِّجَاجِ كُلِّهَا إذَا أُصِيبَتْ خَطَأً إلَّا الِاجْتِهَادُ وَالْحُكُومَةُ، وَذَلِكَ أَنْ يُقَدِّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَبْدًا صَحِيحًا وَيُقَوِّمَ عَبْدًا مَعِيبًا وَيَنْظُرُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ، فَيَجْعَلُ ذَلِكَ جُزْءًا مِنْ دِيَتِهِ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ، وَكَذَلِكَ جِرَاحُ الْجَسَدِ كُلُّهَا غَيْرَ الْجَائِفَةِ لَيْسَ فِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ عَقْدٌ مُسَمًّى، وَإِنَّمَا فِيهَا اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ عَلَى قَدْرِ الشَّيْنِ وَالْأَلَمِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي جِرَاحِ الْخَطَأِ، فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا وَضُبِطَ فِيهَا الْقَوَدُ وَعُرِفَ عُمْقُ ذَلِكَ وَقَدْرُهُ طُولًا وَعَرْضًا، أُقِيدَ مِنْهَا، إذَا بَرِئَ الْمَجْرُوحُ، وَلَا قَوَدَ فِي جَائِفَةٍ وَلَا مَأْمُومَةٍ وَلَا مُنَقِّلَةٍ.
وَالْجَائِفَةُ مَا وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ مِنْ مُقَدَّمِ الْجَوْفِ أَوْ مِنْ الْجَنْبِ أَوْ الظَّهْرِ أَوْ الْخَصْرِ وَلَوْ بِإِبْرَةٍ، وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ بَعْدَ الْبُرْءِ. وَالْمَأْمُومَةُ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ وَمَعْنَاهَا مَا وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ وَلَوْ وَبِإِبْرَةٍ، فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ بَعْدَ الْبُرْءِ. وَالْهَاشِمَةُ فِيهَا عُشْرُ الدِّيَةِ مِائَةُ دِينَارٍ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: أَمَّا الْهَاشِمَةُ فَلَا دِيَةَ فِيهَا بَلْ حُكُومَةٌ. الشَّيْخُ: رَوَى أَصْحَابُ مَالِكٍ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ فِي الْخَطَأِ عَقْلٌ مُسَمًّى. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: إلَّا أَنْ يَبْرَأَ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهِ حُكُومَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: أَلْفَاظُ الْمُدَوَّنَةِ يَأْتِي فِيهَا مَرَّةً لَفْظُ الْحُكُومَةِ، وَمَرَّةً لَفْظُ الِاجْتِهَادِ.
وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ " الْحُكُومَةُ تُقَدَّرُ بَعْدَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ وَهُوَ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. وَمَا بَرِئَ مِنْ الْخَطَأِ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فِيهِ إلَّا الْمُوضِحَةَ فَفِيهَا دِيَتُهَا لِأَنَّ فِيهَا دِيَةً مُسَمَّاةً، وَمَا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى فَفِيهِ حُكُومَةٌ.
(كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ) وَمِنْ الْكَافِي: مَنْ جَنَى عَلَى بَهِيمَةٍ شَيْئًا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا، فَإِنْ قَتَلَهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِنْ قَطَعَ ذَنَبَ دَابَّةٍ أَوْ شَيْئًا مِنْ مَحَاسِنِهَا وَكَانَتْ مِنْ دَوَابِّ الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ فَفِيهَا لِمَالِكٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute