حُوِّلَتْ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، فَإِنْ تَسَاوَتْ الْأَمَاكِنُ أَوْ تَقَارَبَتْ قِيسَتْ الصَّحِيحَةُ ثُمَّ أُعْطِيَ بِقَدْرِ مَا انْتَقَصَتْ الْمُصَابَةُ مِنْ الصَّحِيحَةِ، وَالسَّمْعُ مِثْلُهُ يُخْتَبَرُ بِالْأَمْكِنَةِ أَيْضًا حَتَّى يُعْرَفَ صِدْقُهُ مِنْ كَذِبِهِ.
وَإِنْ ادَّعَى الْمَضْرُوبُ أَنَّ جَمِيعَ بَصَرِهِ أَوْ سَمْعِهِ ذَهَبَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ. وَالظَّالِمُ أَحَقُّ مَنْ حَمَلَ عَلَيْهِ وَيُخْتَبَرُ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَصَفْنَا.
(وَالشَّمُّ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ وَفِي النُّطْقِ بِالْكَلَامِ اجْتِهَادٌ) ابْنُ شَاسٍ: فِي إبْطَالِ النُّطْقِ كَمَالُ الدِّيَةِ وَلَوْ بَقِيَ فَائِدَةُ الذَّوْقِ وَالْإِعَانَةُ عَلَى الْمَضْغِ.
وَتَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا الدِّيَةُ فِي الْكَلَامِ لَا فِي اللِّسَانِ، فَإِنْ قَطَعَ مِنْ لِسَانِهِ مَا يُنْقِصُ مِنْ حُرُوفِهِ فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُحْتَسَبُ فِي الْكَلَامِ عَلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ، رُبَّ حَرْفٍ أَثْقَلُ مِنْ حَرْفٍ فِي النُّطْقِ وَلَكِنْ بِالِاجْتِهَادِ فِيمَا نَقَصَ مِنْ كَلَامِهِ (وَالذَّوْقُ الْمُنَفِّرُ) ابْنُ الْحَاجِبِ: يُجَرَّبُ الذَّوْقُ بِالْمُرِّ الْمُنَفِّرِ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا نَصُّ الْغَزَالِيِّ.
(وَصُدِّقَ مُدَّعِي ذَهَابِ الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ ادَّعَى الْمَضْرُوبُ أَنَّ جَمِيعَ سَمْعِهِ أَوْ بَصَرِهِ قَدْ ذَهَبَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اخْتِبَارِهِ عَلَى حَقِيقَةٍ وَأَشْكَلَ أَمْرُهُ صُدِّقَ الْمَضْرُوبُ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ. وَقَالَ: الظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: يُرِيدُ بِالظَّالِمِ.
(وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ وَرِجْلٍ وَنَحْوِهِمَا خِلْقَةً كَغَيْرِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: الْعَيْنُ الضَّعِيفَةُ الْبَصَرِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ كَذَلِكَ مِنْ خِلْقَةِ اللَّهِ أَوْ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ كَامِلَةٌ (وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: كَمْ فِي الرِّجْلِ الْعَرْجَاءِ؟ فَقَالَ: الْعَرَجُ مُخْتَلِفٌ وَمَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي سَمِعْته يَقُولُ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْإِنْسَانِ إذَا أُصِيبَ مِنْهُ شَيْءٌ فَانْتَقَصَ ثُمَّ أُصِيبَ ذَلِكَ الشَّيْءُ بَعْدُ فَإِنَّمَا لَهُ عَلَى حِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الْعُضْوِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَا كَانَ مِنْ خِلْقَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ لَمْ يُنْتَقَصْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَمِثْلُ اسْتِرْخَاءِ الْبَصَرِ وَالْعَيْنِ الرَّمِدَةِ يُضْعِفُ بَصَرَهَا أَوْ ضَعْفُ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ مِنْ كِبَرٍ أَوْ عِلَّةٍ إلَّا أَنَّهُ يُبْصِرُ بِالْعَيْنِ وَيَسْتَمْتِعُ بِيَدِهِ وَرِجْلِهِ وَيَبْطِشُ بِيَدِهِ، فَفِي هَؤُلَاءِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ. وَكَذَلِكَ الَّذِي يُصِيبُهُ أَمْرٌ مِنْ السَّمَاءِ مِثْلُ الْعِرْقِ يَضْرِبُ فِي رِجْلِ رَجُلٍ فَيُصِيبُهُ مِنْهُ عَرَجٌ أَوْ رَمَدٌ فِي الْعَيْنِ إلَّا أَنَّهُ يَمْشِي عَلَى الرِّجْلِ وَيُبْصِرُ بِالْعَيْنِ وَقَدْ مَسَّهَا ضَعْفٌ، فَفِيهَا إنْ أُصِيبَتْ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ كَانَ ضَعْفُ هَذِهِ الْعَيْنِ أَوْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ أَخَذَ فِيهَا عَقْلًا ثُمَّ أُصِيبَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَقْلِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْعَرَجُ عِنْدِي مِثْلُ هَذَا. قَالَ فِي بَابٍ بَعْدَ هَذَا: فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَهَا عَقْلًا فَعَلَى مَنْ أَصَابَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، الْعَقْلُ كَامِلًا.
ابْنُ يُونُسَ: وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ إذَا لَمْ يَأْخُذْ لِنَقْصِ ذَلِكَ عَقْلًا فَقَالَ مَرَّةً يُحَاسَبُ الْجَانِي لِنَقْصِ ذَلِكَ، وَقَالَ مَرَّةً لَا يُحَاسَبُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْعَقْلُ كَامِلًا تَامًّا. فَأَمَّا إنْ كَانَ أَخَذَ لِنُقْصَانِ ذَلِكَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يُحَاسَبُ بِلَا اخْتِلَافٍ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ الَّذِي أُصِيبَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَمْدًا اقْتَصَّ مِنْهُ وَلَمْ يُحَاسَبْ بِخِلَافِ الدِّيَةِ.
(وَفِي لِسَانِ النَّاطِقِ) التَّلْقِينُ: وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ، فَأَمَّا إنْ قَطَعَ بَعْضَهُ فَإِنْ مَنَعَ جُمْلَةَ الْكَلَامِ فَفِيهِ الدِّيَةُ.
ابْنُ شَاسٍ: وَفِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ (وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ مَا نَقَصَهُ