للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ قَبَضُوهَا رَدُّوهَا. هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. وَسَاوَى ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْعَفْوِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ وَالْعَفْوِ قَبْلَ الْقَسَامَةِ، وَفَرَّقَ بَعْدَ الْقَسَامَةِ بَيْنَ أَنْ يَعْفُوَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، فَجَعَلَ تَكْذِيبَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ كَعَفْوِهِ عَنْ الدَّمِ قَبْلَ الْقَسَامَةِ لَا شَيْءَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الدَّمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

(وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَ أَوْلَادُ الْمَقْتُولِ صِغَارًا وَكِبَارًا، فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ اثْنَيْنِ فَلَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ (بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ لِأَنَّ هَذَا مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ (إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ) نَحْوُ هَذَا عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَلَدٌ صَغِيرٌ وَكَبِيرُ فَإِنْ وَجَدَ الْكَبِيرُ رَجُلًا مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ يَحْلِفُ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ حَلَفَا خَمْسِينَ يَمِينًا، ثُمَّ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَقْتُلَ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَعَهُ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرِ، فَإِذَا بَلَغَ حَلَفَ أَيْضًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الدَّمَ.

(وَوَجَبَتْ بِهَا الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ يُعَيَّنُ لَهَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إلَّا وَاحِدًا خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَكُونُ مُعَيَّنًا بِالْيَمِينِ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُوجِبُ الْقَسَامَةِ الْقَتْلُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ فَإِنْ انْفَرَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَاضِحٌ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَا يُقْسِمُ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ بِكُلِّ حَالٍ.

وَقَالَ فِي ثَلَاثَةٍ احْتَمَلُوا صَخْرَةً وَرَمَوْهَا عَلَى رَجُلٍ قَتَلُوهُ بِهَا وَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ: لَا يُقْسِمُ إلَّا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُقْسِمُونَ لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ لَا مِنْ ضَرْبِهِمْ. وَخَالَفَ فِي هَذَا سَحْنُونَ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ شَاءُوا أَقْسَمُوا عَلَى اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ ثُمَّ لَا يَقْتُلُونَ إلَّا وَاحِدًا مِمَّنْ أَدْخَلُوهُ فِي قَسَامَتِهِمْ. وَانْظُرْ لِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ أَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ اثْنَانِ.

(وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ أَوْ قَتْلِ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ جَنِينٍ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ) أَمَّا مَسْأَلَةُ قِيَامِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى جُرُوحٍ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: بِلَا قَسَامَةَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>