للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِدَّتِهِ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى كُلِّ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ لِلنَّاسِ إلَّا الْقَذْفَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لَهُ ثُمَّ يُقْتَلُ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا قَذَفَ الْحَرْبِيُّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أُسِرَ لَمْ يُحَدَّ لِلْقَذْفِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَتْلَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: كَانَ يَجْرِيَ لَنَا أَنَّ هَذَيْنِ النَّصَّيْنِ مُتَنَاقِضَانِ.

(وَالْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ قَتَلَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا حُرًّا خَطَأً فَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إنْ تَابَ فَالدِّيَةُ عَلَى تَفْصِيلِهَا كَالْمُسْلِمِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ تَقَدَّمَتْ وَعَقْلُهَا إنْ لَمْ يُنْسَبْ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ تَابَ فَلَهُ. ابْنُ شَاسٍ: وَعَمْدُ مَنْ جَرَحَهُ كَالْخَطَأِ لَا يُقَادُ مِنْهُ. وَلَوْ جَرَحَهُ عَبْدٌ أَوْ نَصْرَانِيٌّ فَلَا قَوَدَ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ وَفِيهِ الْعَقْلُ.

(وَإِنْ تَابَ فَمَالُهُ لَهُ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُوقِفُ السُّلْطَانُ مَالَ الْمُرْتَدِّ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمَعْرُوفُ إنْ تَابَ رَجَعَ إلَيْهِ مَالُهُ. اُنْظُرْ قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَبَقِيَ وَلَدُهُ ".

(وَقُدِّرَ كَالْمُسْلِمِ فِيهَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ تَابَ الْمُرْتَدُّ قُدِّرَ جَانِيًا مُسْلِمًا فِي الْقَوَدِ وَالْعَقْلِ.

وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: الْأَحَبُّ إلَيَّ إذَا تَابَ الْمُرْتَدُّ أَنْ يَكُونَ مَا قَتَلَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَكَذَلِكَ فِيمَا جَرَحَ أَوْ جَنَى عَلَى عَبْدٍ أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ فَلْيُقَمْ عَلَيْهِ إنْ تَابَ مَا يُقَامُ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا فَعَلَهُ وَتَحْمِلُ عَاقِلَتُهُ مِنْ الْخَطَأِ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ وَيَقْتَصُّ مِنْهُ الْحَرْبِيُّ جِرَاحَ الْعَمْدِ وَيُحَدُّ فِي قَذْفِهِ وَيُقْطَعُ إنْ سَرَقَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ لَحِقَ بِأَرْضِ الْكُفْرِ أَنَّهُ كَالْحَرْبِيِّ يُهْدَرُ عَنْهُ مَا أَصَابَ مِنْ دَمٍ وَمَالٍ.

(وَقَتْلُ الْمُسْتَسِرِّ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا وَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الزِّنْدِيقُ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُسِرُّ الْكُفْرَ، إنْ ثَبَتَتْ زَنْدَقَتُهُ بِإِقْرَارِهِ فَفِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ طَرِيقَانِ: الْأُولَى قَبُولُهَا اتِّفَاقًا. ابْنُ الْحَاجِبِ: لَا يُقْتَلُ الزِّنْدِيقُ إذَا جَاءَ تَائِبًا عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ: مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قُتِلَ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَخْرُجْ بِمَا أَبْدَاهُ عَنْ عَادَتِهِ وَمَذْهَبِهِ، فَإِنَّ التَّقِيَّةَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَيْنُ الزَّنْدَقَةِ. قَالَ: وَيُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ وَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَذَلِكَ مَنْ عَبَدَ شَمْسًا أَوْ قَمَرًا أَوْ حَجَرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مُسْتَسِرًّا بِهِ مُظْهِرًا لِلْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُقِرُّونَ بِالْإِسْلَامِ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(وَقُبِلَ عُذْرُ مَنْ أَسْلَمَ وَقَالَ أَسْلَمْت عَنْ ضِيقٍ إنْ ظَهَرَ) رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي نَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ قُرْبٍ وَقَالَ: أَسْلَمْتُ عَنْ ضِيقٍ ضُيِّقَ عَلَيَّ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ ضِيقِ حَالٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ شَبَهِهِ عُذِرَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ، وَإِذَا كَانَ عَنْ ضِيقٍ أَوْ عَذَابٍ أَوْ غُرْمٍ أَوْ خَوْفٍ.

قَالَ أَصْبَغُ: إذَا صَحَّ ذَلِكَ وَكَانَ زَمَانٌ يُشْبِهُ ذَلِكَ فِي جَوْرِهِ.

(كَأَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى وَأَعَادَ مَأْمُومُهُ) سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ فِي إمَامٍ صَحِبَ قَوْمًا يُصَلِّي بِهِمْ أَيَّامًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ: أَعَادُوا مَا صَلَّوْا خَلْفَهُ أَبَدًا وَلَا قَتْلَ عَلَيْهِ.

(وَأُدِّبَ مَنْ تَشَهَّدَ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ) الْمُتَيْطِيُّ: إنْ نَطَقَ الْكَافِرُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَحُدُودِهِ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا أَبَى مِنْ الْتِزَامِهَا، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى إبَايَتِهِ تُرِكَ فِي لَعْنَةِ اللَّهِ، قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>