للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عُهْدَةٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا، وَالْأَمْرُ فِي هَذَيْنِ الْعِتْقَيْنِ فِي مُوجِبِ اللِّسَانِ وَاحِدٌ.

ابْنُ شَاسٍ: وَمِنْ أَرْكَانِ التَّدْبِيرِ الْأَهْلِيَّةُ، فَلَا يَصِحُّ التَّدْبِيرُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَيَنْفُذُ فِي الْمُمَيِّزِ وَلَا يَنْفُذُ مِنْ السَّفِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُدَبَّرُ هُوَ السَّالِمُ عَنْ مَحْضِ التَّبَرُّعِ. سُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُنْبَذُ مِنْ ذَاتِ الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَى مَا دَبَّرَتْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَفَرْقٌ بَيْنَ عِتْقِهَا وَتَدْبِيرِهَا لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُخْرِجُ مِنْ يَدِهَا شَيْئًا هُوَ مَوْقُوفٌ مَعَهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهَا فَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ

سَحْنُونَ: هَذَا خَطَأٌ. ابْنُ رُشْدٍ: رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا مِثْلُ قَوْلِ سَحْنُونٍ، وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ مَا نَصُّهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ: إنْ مِتُّ فِي مَرَضِي فَعَبْدِي فُلَانٌ مُدَبَّرٌ فَهُوَ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ وَلَا رُجُوعَ فِيهِ.

وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ قَيَّدَ تَدْبِيرَهُ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنَّهَا وَصِيَّةٌ وَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ وَيَبِيعُهُ إنْ شَاءَ.

وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَكِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: إنَّهُ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ وَهَذَا الْخِلَافُ عِنْدِي قَائِمٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. رَاجِعْ الْمُقَدَّمَاتِ. وَاتَّفَقَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتُّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّدْبِيرَ. وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَلِكِلَا الْقَوْلَيْنِ أَعْنِي قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَفَعَلَهُ لَكَانَ مُدَبَّرًا لَا رُجُوعَ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِمَا جَمِيعًا لِوُجُوبِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالْحِنْثِ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فَالْمُعَلَّقُ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ، وَالْمُطْلَقُ أَخَفُّ مِنْ الْمُعَلَّقِ. وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى الْمَوْتِ كَأَنْتَ حُرُّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتُّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّهُ وَصِيَّةٌ حَتَّى يُرِيدَ التَّدْبِيرَ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: هُوَ تَدْبِيرٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ لِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَجْهًا. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعَلِّقْ التَّدْبِيرَ عَلَى الْمَوْتِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: التَّدْبِيرُ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِ الْحُرِّيَّةِ يَلْزَمُ مَنْ الْتَزَمَهُ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ إذَا قَيَّدَهُ قَالَ: وَصِفَةُ التَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ اللَّازِمِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ فِي عَبْدِهِ هُوَ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ. ابْنُ شَاسٍ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَوَصِيَّةٌ مَا لَمْ يَنْوِ بِهَا التَّدْبِيرَ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَلْحَقُهُ الدَّيْنُ

ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا.

(بِدَبَّرْتُك) ابْنُ شَاسٍ: مِنْ أَرْكَانِ التَّدْبِيرِ اللَّفْظُ، وَصَرِيحُهُ دَبَّرْتُكَ وَنَحْوُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: " إنْ لَمْ يُرِدْهُ فَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ التَّدْبِيرَ بِدُونِ لَفْظِ دَبَّرَ " (أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي)

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي فَهُوَ مُدَبَّرٌ يُمْنَعُ بَيْعَهُ. وَتَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ بِهَذَا وَأَنَّ مِنْهُ هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ.

(وَنَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِمُسْلِمٍ وَأُوجِرَ لَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَسْلَمَ مُدَبَّرٌ أَوْ ابْتَاعَ مُسْلِمًا أَوْ دَبَّرَهُ أَجْبَرْنَاهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَ غَلَّتَهُ وَلَا يَتَعَجَّلُ رِقُّهُ بِالْبَيْعِ وَهُوَ قَدْ يَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إلَيْهِ عَبْدُهُ وَكَانَ لَهُ وَلَاءُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ، وَأَمَّا وَلَاءُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ نَفَذَ الْعَقْدُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ. وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى مَاتَ عَتَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>