للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُرْءِ أَوْ الْقُدُومِ فَأَقَرَّهُ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَتَبَ وَصِيَّةً فِي مَرَضٍ أَوْ صِحَّةٍ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَأَقَرَّهَا عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ فَهِيَ جَائِزَةٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُبْهَمَةً لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ وَلَا فِي سَفَرِهِ انْتَهَى.

وَانْظُرْ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُقَيَّدَةً بِمَرَضٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِمِلْكٍ بِعَيْنِهِ أَوْ وَقْتٍ بِعَيْنِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكْتُبْ بِهَا كِتَابًا وَإِنَّمَا أَشْهَدَ بِهَا خَاصَّةً ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ. نَزَلَ مِثْلُ هَذِهِ النَّازِلَةِ وَرَجَعْت عَنْ فَتْوَايَ فِيهَا لِلِاطِّلَاعِ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَعَلَى مَا فِي الْبَيَانِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ لَا تُنَفَّذُ.

قَالَ: وَكَذَا إنْ أَوْصَى فِي مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَقَالَ إنْ مِتُّ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ قَالَ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا أَوْ أَوْصَى وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَوْتَ بِحَالٍ.

فَإِنْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ كِتَابٍ لَمْ تُنَفَّذْ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ.

قَالَ الْبَاجِيُّ: وَوَجْهُ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ إذَا لَمْ يُقَيِّدْهَا فِي كِتَابٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِوَصِيَّتِهِ أَثَرٌ يَكُونُ فِي اسْتِدَامَتِهَا اسْتِدَامَةٌ لَهَا، وَالْإِشْهَادُ إنَّمَا اُخْتُصَّ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَتَعَدَّ إلَى غَيْرِهِ.

وَمِنْ جُمْلَةِ مَا رُشِّحَتْ بِهِ مَا رَجَعْت إلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا تَكُونُ الْوَصَايَا بِشَكٍّ كَمَا لَا يَكُونُ الْمِيرَاثُ بِهِ، وَكَمَا قَالُوا فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا تَرِثُهُ بِفَوْتِ الْأَعْذَارِ إلَيْهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَا أَدْرَاك مَا الَّذِي كَانَ يَدْرَأُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَوْجَبَ لَهَا الْمِيرَاثَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>