فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: لَسْت أَعْرِفُ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَنْصُوصًا غَيْرَ أَنِّي وَجَدْتُ لِبَعْضِ شُيُوخِنَا أَنَّهُ يُعْطَى مِثْلَ نَصِيبِ وَلَدِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَعَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ضِعْفَ النَّصِيبِ مِثْلُهُ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَهَذَا فِي نَفْسِي أَقْوَى مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ (وَبِمَنَافِعِ عَبْدٍ وُرِثَتْ عَنْ الْمُوصَى لَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ وَهَبْتُ خِدْمَةَ عَبْدِي لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ فَلِوَرَثَتِهِ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مَا بَقِيَ إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ أَرَادَ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ جَيِّدٌ وَلَيْسَ كَهِبَةِ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ بَيَّنَ قَصْدَ هِبَتِهِ عَلَى الْخِدْمَةِ فَقَطْ دُونَ مَالٍ يَمُوتُ الْعَبْدُ عَنْهُ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فَقَدْ أَبْقَاهَا السَّيِّدُ لِنَفْسِهِ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْوَصِيَّةُ بِمَنَافِعِ عَبْدٍ صَحِيحَةٌ حَتَّى إذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ وُرِثَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ أَرَادَ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ. وَنَفَقَةُ هَذَا الْعَبْدِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَلَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَهُ إنْ أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا. وَإِنْ كَانَ مُؤَقَّتًا بِزَمَنٍ مَحْدُودٍ فَهُوَ كَبَيْعِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ، فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدًا فَلِلْوَارِثِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ وَيَحُطُّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ رَجَعَ إلَى الْقِيمَةِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يَخْتَصُّ بِهِ، وَإِنْ جَنَاهَا وَتَعَلَّقَ الْأَرْشُ بِرَقَبَتِهِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ. لِلْوَرَثَةِ بَطَلَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ فَدَوْهُ اسْتَمَرَّ حَقُّهُ.
(وَإِنْ حَدَّدَهَا بِزَمَنٍ فَكَالْمُسْتَأْجَرِ) تَقَدَّمَ مَا لِابْنِ شَاسٍ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَوْصَى لَك بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ فَأَكْرَيْتُهُ فِيهَا جَازَ كَمَنْ آجَرَ عَبْدَهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَهَذَا خِلَافُ الْمُخْدَمِ حَيَاتَهُ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمُخْدِمُ سَقَطَتْ الْخِدْمَةُ وَالْمُؤَجَّلُ يَلْزَمُ بَاقِيهَا لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ. وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَاجِرَ مَا أُوصِيَ لَهُ مِنْ سُكْنَى أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ نَاحِيَةَ الْحَصَانَةِ. (فَإِنْ قُتِلَ فَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ أَوْ الْقِيمَةُ كَأَنْ جَنَى) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ بِهَذَا. (إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمُخْدَمُ أَوْ الْوَارِثُ فَتَسْتَمِرُّ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ رَجُلًا سِنِينَ مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاةَ الرَّجُلِ فَجَنَى الْعَبْدُ، خُيِّرَ سَيِّدُهُ فَإِنْ فِدَاهُ بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُخْدَمُ. فَإِنْ فِدَاهُ أَخْدَمَهُ فَإِذَا تَمَّتْ خِدْمَتُهُ، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ سَيِّدُهُ مَا فِدَاهُ بِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهُ رِقًّا.
(وَهِيَ وَمُدَبَّرٌ إنْ كَانَ بِمَرَضٍ فِي الْمَعْلُومِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: الْوَصِيَّةُ لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ بِهِ الْمَيِّتُ. ابْنُ حَارِثٍ: وَكَذَلِكَ يُنْفِقُ عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ بِهِ الْمَيِّتُ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ فَيَدْخُلُ فِيمَا عَلِمَ بِهِ الْمَيِّتُ وَفِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. (وَدَخَلَتْ فِيهِ وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute