فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْهَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهَا وَقَدْ يَكْتُبُ وَلَا يَعْزِمُ. وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَلَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالشَّهَادَةِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقُولَ إنَّهَا وَصِيَّتِي وَإِنَّ مَا فِيهَا حَقٌّ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَرَأَهَا وَمَا لَوْ أُشْهِدَ أَنَّهَا وَصِيَّتُك فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ قَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ فَلْيَشْهَدُوا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ أَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهَا. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مَنْشُورَةً يَرَوْا جَمِيعَهَا مَكْتُوبًا ثُمَّ نُظِرَ إلَى تَقْيِيدِ الشَّهَادَةِ فِي آخِرِهَا عَلَيْهِ فَلْيَشْهَدُوا، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ قِرَاءَةُ الْوَصِيَّةِ فَقَدْ يُرِيدُ التَّسَتُّرَ عَنْهُمْ بِمَا فِيهَا وَقَدْ يَطُولُ عَقْدُ الْوَصِيَّةِ فَيَشُقُّ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ إنْ لَمْ يَقْرَأْهَا مَعَ غِنَاهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى الْمُوصِي بِمَا أَشْهَدَهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ إنْفَاذُهُ أُنْفِذَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ إنْفَاذُهُ رُدَّ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الشَّاهِدِ فِي ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُقُودِ وَالسِّجِلَّاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الِاسْتِرْعَاءَاتِ الَّتِي تَتَقَيَّدُ عَلَى عِلْمِ الشَّاهِدِ، فَهَذَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْرَأَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَيَتَفَهَّمَهُ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ جَمِيعِهِ أَنَّهُ فِي عِلْمِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَكْتُبُ شَهَادَتَهُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَفَّحَهُ لِيَعْلَمَ جَمِيعَهُ فِي عِلْمِهِ. وَمِمَّا يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ مَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ وَخَتَمَ عَلَيْهَا وَقَالَ لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا فَكَتَبُوا شَهَادَتَهُمْ ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ مَالِكٌ: إنْ لَمْ يَشُكَّ الشَّاهِدُ فِي الطَّابَعِ فَلْيَشْهَدْ وَأَجْوَزُ عِنْدِي شَهَادَةُ الَّذِي الْوَصِيَّةُ فِي يَدِهِ انْتَهَى.
وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ: لَمْ يَجْعَلْ قِرَاءَتَهَا عَلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ مِمَّا يُنْفِذُهَا حَتَّى يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ كَتَبْت وَصِيَّتِي وَجَعَلْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَأَنْفِذُوهَا وَصَدِّقُوهُ صُدِّقَ وَنُفِّذَ مَا فِيهَا.
(وَنُدِبَ فِيهَا تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ فَلْيُقَدِّمْ ذِكْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنِّي لِأَرَاهُ حَسَنًا.
(وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَؤُهُ وَلَا فَتَحَ وَتُنَفَّذُ) تَقَدَّمَ مَا لِلْبَاجِيِّ: وَسُمِعَ أَشْهَبُ: مَنْ أَتَاهُ أَخٌ لَهُ بِكِتَابِ وَصِيَّتِهِ طُبِعَ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ أَكْتُبُ شَهَادَتَك بِأَسْفَلِهِ عَلَى إقْرَارِي أَنَّهُ كِتَابِي وَلَا يَعْلَمُ الشَّاهِدُ مَا فِيهَا فَيَكْتُبُ شَهَادَتَهُ فِي أَسْفَلِهَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ فَيَشْهَدُ بِهَا قَالَ: إنْ لَمْ يَشُكَّ فِي خَاتَمِهِ أَنَّهُ خَاتَمُهُ فَلْيَشْهَدْ وَإِنْ شَكَّ فَلَا يَشْهَدُ. (وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ: وَأَجْوَزُ عِنْدِي شَهَادَةُ الَّذِي الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ فِي يَدَيْهِ. وَقَالَ عِيَاضٌ: ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ جَازَ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَقِيَتْ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ وِفَاقٌ لِلْمُدَوِّنَةِ. اُنْظُرْ التَّنْبِيهَاتِ.
(وَإِنْ أَشْهَدَ بِمَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ فَلِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ فَفُتِحَتْ فَإِذَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ فَلِلْمَسَاكِينِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا) قَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ لِشُهُودٍ هَذِهِ وَصِيَّتِي وَهِيَ مَطْبُوعَةٌ اشْهَدُوا عَلَى مَا فِيهَا لِي وَعَلَيَّ وَأَسْنَدْتهَا إلَى عَمَّتِي وَمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فَلِعَمَّتِي وَمَاتَتْ، فَفُتِحَ الْكِتَابُ فَإِذَا فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فَلِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْأَرَامِلِ، فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَقِيَّةُ الثُّلُثِ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْأَصْنَافِ الْآخَرِينَ نِصْفَيْنِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلَيْنِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute