للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَائِلًا مِثْلَ قَوْلِهِ إلَّا بَعْدَ قَوْلِهِ.

(وَأُجْرَةٌ عَلَيْهِ، أَوْ مَعَ صَلَاةٍ وَكُرِهَ عَلَيْهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ: تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْأَذَانِ وَعَلَى الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ جَمِيعًا، وَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الصَّلَاةِ خَاصَّةً

قَالَ مَالِكٌ: يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فِي سُوقِ الْإِبِلِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لِلَّهِ بِإِجَارَةٍ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: لَأَنْ أَطْلُبَ الدُّنْيَا بِالدُّفِّ وَالْمِزْمَارِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطْلُبَهَا بِالدِّينِ.

وَعَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ يَتَّخِذُ الْمِهْنَةَ يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ النَّاسِ، وَيُبْغِضُ الْعَبْدَ يَتَّخِذُ الدِّينَ مِهْنَةً. قَالَ السَّيِّدُ مُفْتِي تُونُسَ الْبُرْزُلِيِّ: اُخْتُلِفَ فِيمَا يَأْخُذُهُ مِمَّا حُبِسَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْإِمَامَةِ، هَلْ هُوَ كَالْإِجَارَةِ أَوْ إعَانَةٌ؟ .

الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَثِّقِينَ، وَالثَّانِي للبوذري وَغَيْرِهِ مِنْ شُيُوخِ شُيُوخِ شُيُوخِنَا اهـ

وَانْظُرْ أَيْضًا - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ - أَنَّ مِنْ الْوَرَعِ الْخُرُوجَ عَنْ الْخِلَافِ يَبْقَى النَّظَرُ عِنْدَ تَشَاحِّ الْأَئِمَّةِ. فَعَلَى الْكَرَاهَةِ حَبْسُهُ فِي مَكْرُوهٍ وَلَا يُحْكَمُ بِهِ

قَالَ السَّيِّدُ مُفْتِي تُونُسَ: الْمَذْكُورُ مَا نَصَّهُ ابْنُ فَرْحُونٍ: الِاسْتِئْجَارُ لِقِيَامِ رَمَضَانَ مُبَاحٌ، وَإِنْ كَانَ بَأْسٌ فَعَلَى الْإِمَامِ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَكْرُوهٌ، وَمُقْتَضَى هَذَا الْكَلَامِ الْقَضَاءُ بِالْأُجْرَةِ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا بِسَنَدٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّفِيعِ أَنَّهُ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا حِينَ نَزَلَتْ انْتَهَى

وَهَذَا الْمَأْخَذُ أَنَا آخُذُ بِهِ فِي فَتْوَايَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَأَقُولُ مَا نَصُّهُ: قَدْ وَرَدَ الْخَبَرُ: «مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ» وَبِحَمْدِ اللَّهِ هَذِهِ نَازِلَةٌ لَيْسَتْ بِرِبَوِيَّةٍ، وَلَا حُرَّ فِيهَا يُسْتَعْبَدُ وَلَا فَرْجَ يُسْتَبَاحُ بِحَرَامٍ، وَمَنْ تَرَكَ حَقَّهُ فِيهَا لِلَّهِ كَانَ لَهُ هَذَا الثَّوَابُ فِي الْآخِرَةِ، وَهَذَا أَعْوَدُ عَلَيْهِ نَفْعًا مِنْ وُصُولِهِ لِحَقِّهِ فِي الدُّنْيَا، وَقَدْ وَرَدَ الْخَبَرُ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» فَأَرْجُو مِثْلَ هَذَا الْأَجْرِ بِفَتْوَايَ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ بِتَرْكِ الْمِرَاءِ وَالشَّرِّ

وَمِنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا اتَّفَقَ الْجِيرَانُ عَلَى حَرْسِ حَوَانِيتِهِمْ، أَوْ كُرُومِهِمْ، أَوْ جَنَّاتِهِمْ فَأَبَى بَعْضُهُمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا يَنُوبُهُ وَيُجْبَرُ. قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ عَلَى الصَّلَاةِ لِلْإِمَامِ، مَنْ أَبَاهَا لَا يُجْبَرُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهَا لِأَنَّهَا فِي أَصْلِهَا مَكْرُوهَةٌ، انْتَهَى

وَسُئِلَ الْأُسْتَاذُ السَّرَقُسْطِيُّ عَنْ إمَامٍ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، هَلْ لَهُ مِنْ غَلَّةِ الزَّيْتُونِ شَيْءٌ.؟ .

فَأَجَابَ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى الْإِمَامَةِ مِنْ أَحْبَاسِهِ، أَوْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إجَارَةٌ لَهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَيَمْتَنِعُ كَوْنُهَا ثَمَرَةً لَمْ تُخْلَقْ، أَوْ خُلِقَتْ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُهُ عَلَى ذَلِكَ فُسِخَ، وَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>