(وَمَعَ أَجْنَبِيٍّ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) فِي الْمُوَطَّأِ: هَلْ تَأْكُلُ الْمَرْأَةُ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ، أَوْ مَعَ غُلَامِهَا.؟ .
قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ مَا يُعْرَفُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْكُلَ مَعَهُ مِنْ الرِّجَالِ، وَقَدْ تَأْكُلُ الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا وَمَعَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُؤَاكِلُهُ
ابْنُ الْقَطَّانِ: فِيهِ إبَاحَةُ إبْدَاءِ الْمَرْأَةِ وَجْهَهَا وَيَدَيْهَا لِلْأَجْنَبِيِّ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْأَكْلُ إلَّا هَكَذَا، وَقَدْ أَبْقَاهُ الْبَاجِيُّ عَلَى ظَاهِرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: وَجْهُ الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ.
وَفِي الرِّسَالَةِ: وَلَيْسَ فِي النَّظْرَةِ الْأُولَى بِغَيْرِ تَعَمُّدٍ حَرَجٌ، «وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ: لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَك الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَك الثَّانِيَةُ» قَالَ عِيَاضٌ: فِي هَذَا كُلِّهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ حُجَّةٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ أَنْ تَسْتُرَ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ وَسُنَّةٌ لَهَا وَعَلَى الرَّجُلِ غَضُّ بَصَرِهِ عَنْهَا، وَغَضُّ الْبَصَرِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي أُمُورِ الْعَوْرَاتِ وَأَشْبَاهِهَا، وَيَجِبُ مَرَّةً عَلَى حَالٍ دُونَ حَالٍ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فَيَجِبُ غَضُّ الْبَصَرِ إلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ شَهَادَةٍ، أَوْ تَقْلِيبِ جَارِيَةٍ لِلشِّرَاءِ، أَوْ النَّظَرِ لِامْرَأَةٍ لِلزَّوَاجِ، أَوْ نَظَرِ الطَّبِيبِ وَنَحْوِ هَذَا. وَلَا خِلَافَ أَنَّ فَرْضَ سَتْرِ الْوَجْهِ مِمَّا اُخْتُصَّ بِهِ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، انْتَهَى مِنْ الْإِكْمَالِ
وَنَحْوُهُ نَقْلُ مُحْيِي الدِّينِ فِي مِنْهَاجِهِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا أَبَتَّ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَجَحَدَهَا لَا يَرَى وَجْهَهَا إنْ قَدَرَتْ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ عَاتٍ: هَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَرَى وَجْهَ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَمْرُهَا أَنْ لَا تُمَكِّنَهُ مِنْ ذَلِكَ لِقَصْدِهِ التَّلَذُّذَ بِهَا، وَرُؤْيَةُ الْوَجْهِ لِلْأَجْنَبِيِّ عَلَى وَجْهِ التَّلَذُّذِ بِهَا مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ دَوَاعِي السُّوءِ أَبُو عُمَرَ: وَجْهُ الْمَرْأَةِ وَكَفَّاهَا غَيْرُ عَوْرَةٍ وَجَائِزٌ أَنْ يَنْظُرَ ذَلِكَ مِنْهَا كُلُّ مَنْ نَظَرَ إلَيْهَا بِغَيْرِ رِيبَةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، وَأَمَّا النَّظَرُ لِلشَّهْوَةِ فَحَرَامٌ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ ثِيَابِهَا فَكَيْفَ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا؟ اُنْظُرْ فِي النِّكَاحِ قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَلَا تَتَزَيَّنُ لَهُ " قَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَمِنْ ابْنِ اللُّبِّيِّ مَا نَصُّهُ: قُلْت: قَالَ أَبُو عُمَرَ: قِيلَ: مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ. ابْنُ الْقَطَّانِ: وَلَا يَلْزَمُ غَيْرَ الْمُلْتَحِي التَّنَقُّبُ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الطَّيِّبِ: يُنْهَى الْغِلْمَانُ عَنْ الزِّينَةِ، لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ وَتَعَمُّدِ الْفَسَادِ. ابْنُ الْقَطَّانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute