بِالْحُكْمِ، أَوْ بِبَقَاءِ الْوَقْتِ أَوْ نِسْيَانًا، وَإِنْ نَكَسَ جَاهِلًا وَجَبَتْ إعَادَتُهُ أَبَدًا اتِّفَاقًا.
(وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا) ابْنُ رُشْدٍ: يَجِبُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ تَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ فِي الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، فَإِنْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ نَاسِيًا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا، أَوْ جَاهِلًا بِالصَّوَابِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فَيَذْكُرَ ذَلِكَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَيُصَلِّيَ الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ، فَالْآتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا صَلَّاهَا فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهَا وَكَأَنَّهُ وَضَعَهَا فِي مَوْضِعِهَا. وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَوَاتٍ يَسِيرَةٍ فَصَلَّى قَبْلَهَا مَا هُوَ فِي وَقْتِهِ جَاهِلًا، أَوْ عَامِدًا: إنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إلَّا فِي الْوَقْتِ انْتَهَى.
اُنْظُرْ مَسْأَلَةً تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فَرَّطَ فِي صَلَوَاتٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَخَذَ فِي قَضَاءِ فَوَائِتِهِ شَيْئًا شَيْئًا وَقَدْ تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَعَلَيْهِ صُبْحُ يَوْمِهِ، أَوْ تَغْرُبُ الشَّمْسُ وَعَلَيْهِ صَلَاةُ يَوْمِهِ، أَوْ يَنَامُ عَنْ الْعِشَاءَيْنِ فَيَسْتَيْقِظُ وَقَدْ بَقِيَ قَدْرُ مَا يُصَلِّي الصُّبْحَ، هَلْ يُسْتَحْسَنُ أَنْ يَتْرُكَ النَّاسَ وَمَا هُمْ الْيَوْمَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ يُغَيِّبُونَ نَظَرَهُمْ عَنْ الْفَوَائِتِ الْقَدِيمَةِ وَيَبْدَءُونَ بِقَضَاءِ هَذِهِ الْفَائِتَةِ الْقَرِيبَةِ وَيُقَدِّمُونَهَا عَلَى الْفَوَائِتِ الْكَثِيرَةِ الْقَدِيمَةِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ تَبْرَأُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَرُبَّمَا إنْ لَمْ يُقَدِّمُوهَا عَلَى الْفَوَائِتِ الْقَدِيمَةِ يَتَكَاسَلُوا عَنْ الِاشْتِغَالِ عِوَضَهَا بِشَيْءٍ مِنْ فَوَائِتِهِمْ الْقَدِيمَةِ. وَانْظُرْ آخِرَ الْعَوَاصِمِ مِنْ الْقَوَاصِمِ فَإِنَّهُ يُرَشِّحُ هَذَا الْمَأْخَذَ، وَمِنْ نَحْوِهِ مَا حَكَاهُ عِيَاضٌ أَنَّ الْقَابِسِيَّ وَابْنَ اللَّبَّادِ اخْتَلَفَا فِيمَا يَأْخُذُهُ بَنُو عُبَيْدٍ مِنْ الزَّكَوَاتِ.
وَكَانَ ابْنُ اللَّبَّادِ يُفْتِي بِأَنَّهَا تُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَ بَنُو عُبَيْدٍ لَا يُقِرُّونَ بِالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: لَا تُجْزِئُ لَمْ يُؤَدِّ النَّاسُ شَيْئًا، فَلَأَنْ يُؤَدُّوا بِتَأْوِيلٍ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِهَا عَامِدِينَ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ: وَكُنْت أَسْتَحِبُّ ذَلِكَ إلَى أَنْ أَحْدَثَ بَنُو عُبَيْدٍ فِي الزَّكَاةِ أَمْرًا آخَرَ مِنْ صَرْفِهَا لِلنَّصَارَى، اُنْظُرْهُ فِي الْمَدَارِكِ.
(وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ، وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ذَكَرَ صَلَوَاتٍ يَسِيرَةً فِي وَقْتِ صَلَاةٍ بَدَأَ بِهِنَّ وَإِنْ فَاتَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ (وَهَلْ أَرْبَعٌ، أَوْ خَمْسٌ؟ خِلَافٌ) عِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ذَكَرَ أَرْبَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute