للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَمِعَ أَشْهَبُ: لَا يُجْمَعُ فِي السَّفِينَةِ مَرَّتَيْنِ.

ابْنُ رُشْدٍ: لَيْسَ هَذَا بِخِلَافٍ لِإِجَازَتِهَا صَلَاةَ مَنْ فَوْقَهَا بِإِمَامٍ، وَمَنْ تَحْتَهَا بِإِمَامٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَوْضِعَانِ.

وَلِابْنِ الْعَرَبِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ -: {وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: ١٠٧] قَالَ: يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا جَمَاعَةً وَاحِدَةً فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ فَأَرَادُوا أَنْ يُفَرِّقُوا شَمْلَهُمْ فِي الطَّاعَةِ.

وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَكْبَرَ وَالْغَرَضَ الْأَظْهَرَ مِنْ وَضْعِ الْجَمَاعَةِ تَأْلِيفُ الْكَلِمَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَعَقْدُ الذِّمَامِ وَالْحُرْمَةِ بِفِعْلِ الدِّيَانَةِ حَتَّى يَقَعَ الْأُنْسُ بِالْمُخَاطَبَةِ وَتُصَفَّى الْقُلُوبُ مِنْ وَضَرِ الْأَحْقَادِ وَالْحَسَادَةِ، وَلِهَذَا مَعْنَى تَفَطُّنِ مَالِكٍ فِي أَنَّهُ لَا تُعَادُ جَمَاعَةٌ بَعْدَ الرَّاتِبِ خِلَافًا لِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ تَشْتِيتًا لِلْكَلِمَةِ وَإِبْطَالًا لِهَذِهِ الْحِكْمَةِ فَيَقَعُ الْخِلَافُ وَيَبْطُلُ النِّظَامُ، وَخَفِيَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَهَكَذَا شَأْنُهُ مَعَهُمْ وَهُوَ أَثْبَتُ قَدَمًا مِنْهُمْ فِي الْحِكْمَةِ وَأَعْلَمُ بِمَقَاطِعِ الشَّرِيعَةِ، وَإِنْ أَذِنَ.

ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ عَلَّلْنَا الْمَنْعَ بِأَنَّهُ حِمَايَةٌ مِنْ الْأَذَى لِلْأَئِمَّةِ فَيَجُوزُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا (وَلَهُ أَنَّ الْجَمْعَ إنْ جَمَعَ غَيْرُهُ قَبْلَهُ إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ كَثِيرًا) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا جَمَعَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ وَلَمْ يَحْضُرْ الْإِمَامُ فَلَهُ إذَا جَاءَ أَنْ يَجْمَعَ.

وَفِي الِاسْتِذْكَارِ فِي حَدِيثِ إدْرَاكِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ فِيهِ: إذَا خِيفَ فَوْتُ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمُخْتَارِ لَمْ يُنْتَظَرْ الْإِمَامُ، وَإِنْ كَانَ فَاضِلًا جِدًّا (وَخَرَجُوا إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَيُصَلُّونَ بِهَا أَفْذَاذًا إنْ دَخَلُوهَا) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَذْهَبُ لِمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَا غَيْرِهَا، وَإِلْزَامُ اللَّخْمِيِّ عَلَيْهِ إعَادَةَ جَامِعٍ فِي غَيْرِهَا فَذًّا فِيهَا يُرَدُّ بِأَنَّ جَمَاعَتَهَا أَفْضَلُ مِنْ فَذِّهَا.

وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ: إنْ وَجَدَ مَسْجِدًا قَدْ جَمَعَ أَهْلُهُ فَإِنْ طَمِعَ بِإِدْرَاكِ جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِهِ خَرَجَ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَجْمَعُوا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَوْ مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا يَخْرُجُوا مِنْهُ وَلْيُصَلُّوا فِيهِ أَفْذَاذًا وَهُوَ أَعْظَمُ لِأَجْرِهِمْ مِنْ الصَّلَاةِ، وَفِي غَيْرِهِ جَمَاعَةً.

(وَقَتْلُ كَبُرْغُوثٍ بِمَسْجِدٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ قَتْلَ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلَةِ فِي صَلَاةٍ.

ابْنُ رُشْدٍ: وَقَتْلُ الْبُرْغُوثِ أَخَفُّ عِنْدَهُ.

اللَّخْمِيِّ: وَيَقْتُلُ بِهِ الْعَقْرَبَ وَالْفَأْرَةَ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَصَابَ قَمْلَةً فَلَا يُلْقِيهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَقْتُلُهَا فِيهِ.

وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: وَلْيَصُرَّهَا فِي ثَوْبِهِ (وَفِيهَا يَجُوزُ طَرْحُهَا خَارِجَهُ وَاسْتَشْكَلَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَطْرَحَ الْقَمْلَةَ إنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ.

ابْنُ بَشِيرٍ: طَرْحُ الْبُرْغُوثِ حَيًّا فِي الْمَسْجِدِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّبُ وَيَعِيشُ فِي التُّرَابِ بِخِلَافِ الْقَمْلَةِ فَلَا تُطْرَحُ؛ إذْ فِي إلْقَائِهَا تَعْذِيبٌ لَهَا.

وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ جَوَازِ طَرْحِهَا فَقَدْ يَكُونُ لِظَنِّ دَوَامِ حَيَاتِهَا، أَوْ يَكُونُ هَذَا حُكْمًا لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>