عَلَى السُّجُودِ وَقَدْ فَاتَهُ الرُّكُوعُ فَلْيَمْتَنِعْ وَلْيُقَدِّمْ غَيْرَهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ.
وَأَمَّا صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلَّى بِنَفْسِهِ، أَوْ بَنَى بِالْأُولَى، أَوْ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ.
وَقِيلَ: إنْ بَنَى فِي الثَّالِثَةِ بَطَلَتْ انْتَهَى.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ مَا نَصُّهُ: وَالْجَوَابُ عَنْ السُّؤَالِ الثَّامِنَ عَشَرَ أَنْ يُقَالَ: إذَا اسْتَخْلَفَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ فَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ اسْتِخْلَافِهِ أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ الْإِمَامُ لِيَحْصُلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ قَبْلَ الْحَدَثِ، فَإِذَا أَحْرَمَ الْإِمَامُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ بَيْنَ صَلَاتِهِ وَصَلَاةِ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ وَيَصِيرُ الْمَأْمُومُ مَعَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ إمَامِهِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ إنْ اتَّبَعُوهُ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّمَا تَفْسُدُ إنْ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى رَكْعَةٍ، أَوْ ثَلَاثٍ لِجُلُوسِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجُلُوسِ انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ: لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَطَلَتْ عَلَى تَابِعِهِ وَصَحَّتْ لَهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْ، وَإِلَّا فَقَالَ سَحْنُونَ: إنْ اسْتَخْلَفَ عَلَى وِتْرٍ بَطَلَتْ وَعَلَى شَفْعٍ صَحَّتْ.
ابْنُ عَبْدُوسٍ: وَهَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي عَمْدِ تَرْكِ السُّورَةِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فَيُعِيدُ.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَجَاءَ فَأَخْرَجَ الْمُسْتَخْلَفَ وَأَتَمَّ بِهِمْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ فَإِذَا أُتِمَّتْ الصَّلَاةُ أَشَارَ إلَيْهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيُسَلِّمُونَ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لَا يَجُوزُ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنُ رُشْدٍ: رَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ بِالْبِنَاءِ فِي الْحَدَثِ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ بُطْلَانُهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِحَدَثِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَصَارَ مُبْتَدِئًا لَهَا مِنْ وَسَطِهَا وَعَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَمُوا قَبْلَهُ.
انْتَهَى فِقْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَا شَذَّ مِنْهَا لَفْظٌ وَاحِدٌ مِنْ أَلْفَاظِ خَلِيلٍ فَمُحَقَّقٌ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي أَرَادَ خَلِيلٌ.
(وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ كَانَ الْمُسْتَخْلَفُ وَالْمُقْتَدِي مَسْبُوقَيْنِ فَقِيلَ: إنَّ الْمُسْتَخْلَفَ إذَا أَكْمَلَ صَلَاةَ الْإِمَامِ أَشَارَ إلَى الْمُقْتَدِينَ أَنْ اجْلِسُوا فَإِذَا أَكْمَلَ صَلَاتَهُ قَامُوا فَقَضَوْا لِأَنْفُسِهِمْ.
وَقِيلَ: إنَّهُمْ يَقُومُونَ إذَا أَكْمَلَ صَلَاةَ الْإِمَامِ.
وَسَبَبُ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّهُمْ لَا يَقْضُونَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ صَلَاةِ إمَامِهِمْ وَقَدْ حَصَلَ لِهَذَا الثَّانِي رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ كَحُكْمِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَكَأَنَّهُ هُوَ، فَإِذَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ صَارَ كَالْمُقْتَدِي فَيَقْضُونَ عِنْدَ قَضَائِهِ، أَوْ تُرَاعَى حَالَتُهُ فِي نَفْسِهِ لِحُصُولِ الرُّتْبَةِ فَلَا يَقْضُونَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ صَلَاتِهِ هَذَا مَثَارُ الْخِلَافِ.
انْتَهَى مِنْ ابْنِ بَشِيرٍ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ وَلَمْ يَعْزُ لِمَالِكٍ مِنْهَا قَوْلًا وَاَلَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ: يُتِمُّ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، ثُمَّ يُشِيرُ إلَيْهِمْ أَنْ اُمْكُثُوا، ثُمَّ يَقُومُ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ ذَلِكَ لَا يَتَحَوَّلُ فَيَقْضِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَقُومُونَ فَيَقْضُونَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ صَحِيحَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا يَقْضِي إلَّا بَعْدَ سَلَامِهِ انْتَهَى.
وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا آخَرَ (كَأَنْ سُبِقَ هُوَ) ابْنُ بَشِيرٍ: وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَخْلَفُ مَسْبُوقًا دُونَ الْمُقْتَدِينَ فَإِنَّهُ إذَا أَكْمَلَ صَلَاتَهُ وَقَامَ لِلْقَضَاءِ فَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا أَنَّهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ إلَّا بَعْدَ قَضَائِهِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى حُكْمِ نَفْسِهِ.
(لَا الْمُقِيمُ يَسْتَخْلِفُهُ مُسَافِرٌ لِتَعَذُّرِ مُسَافِرٍ أَوْ جَهْلِهِ فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ وَيَقُومُ غَيْرُهُ لِلْقَضَاءِ) الْمَنْقُولُ عَنْ أَشْهَبَ: وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ سَحْنُونَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَالْمِصْرِيُّونَ أَنَّ الْإِمَامَ الْمُسَافِرَ إذَا أَحْدَثَ وَخَلْفَهُ مُسَافِرُونَ وَمُقِيمُونَ فَقَدَّمَ رَجُلًا مِنْ الْمُقِيمِينَ