للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ فِي مَعْنَى الرُّجُوعِ، انْتَهَى.

ابْنُ عَرَفَةَ: جَعَلَ سَنَدٌ هَذَا خِلَافًا وَقَالَ: الدَّائِرُ كَالْمُسْتَقِيمِ (قُصِدَتْ دُفْعَةً) تَقَدَّمَ أَنَّ سَبَبَ الْقَصْرِ سَفَرٌ مَعْزُومٌ عَلَى طُولِهِ جَزْمًا.

قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ آبِقٍ أَوْ حَاجَةٍ فَقِيلَ لَهُ هَا هِيَ بَيْنَ يَدَيْك عَلَى بَرِيدٍ فَمَشَى كَذَلِكَ أَيَّامًا لَا يَدْرِي غَايَةَ سَفَرِهِ فَلْيُتِمَّ فِي سَيْرِهِ وَيَقْصُرْ فِي رُجُوعِهِ إذَا كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ فَأَكْثَرَ.

ابْنُ يُونُسَ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا إذَا كَانَ لَمَّا بَلَغَ هَذَا الَّذِي خَرَجَ فِي طَلَبِ آبِقٍ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ فَقِيلَ: إنَّ حَاجَتَك فِي مَوْضِعِ كَذَا عَلَى بَرِيدَيْنِ بَيْنَ يَدَيْك، أَوْ عَنْ يَمِينِك، أَوْ عَنْ شِمَالِك فَقَالَ: أَنَا أَبْلُغُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، ثُمَّ أَتَمَادَى مِنْهُ إلَى دَارِي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَجَدْته وَلَمْ أَجِدْهُ.

فَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أُخْبِرَ أَنَّ الْعَبْدَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُضَافُ مَسِيرٌ إلَى رُجُوعٍ.

وَظَهَرَ لِي وَلِغَيْرِي مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَقْصُرُ مِنْ رَأْسِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَقَالَ أَنَا آخُذُ فِي رُجُوعِي مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي ذُكِرَ لِي أَنَّ الْعَبْدَ فِيهِ فَهُوَ كَالرَّاجِعِ.

وَكَمَا لَوْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، أَوْ غَرَّ بِي الطَّرِيقُ، أَوْ لِحَاجَةٍ غَيْرِ الْآبِقِ فَهُوَ كَمُبْتَدِئٍ سَفَرًا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.

وَكَاَلَّذِي يُرِيدُ سَفَرًا إلَى جِهَةِ قِبْلَةِ بَلَدِهِ فَذُكِرَ لَهُ حَاجَةٌ عَلَى بَرِيدَيْنِ فِي دُبُرِ بَلَدِهِ فَقَالَ: أَخْرُجُ لِهَذِهِ فِي دُبُرِ بَلَدِي ثُمَّ أَرْجِعُ عَلَى طَرِيقِي وَلَا أَدْخُلُ مَدِينَتِي، ثُمَّ أَتَمَادَى إلَى تَمَامِ سَفَرِي أَنَّهُ يَقْصُرُ مِنْ حِينِ يَبْرُزُ عَنْ قَرْيَتِهِ، فَكَذَلِكَ الَّذِي بَلَغَ رَأْسَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَقَالَ: أَبْلُغُ مَوْضِعَ كَذَا ثُمَّ أَتَمَادَى مِنْهُ إلَى دَارِي لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

ابْنُ عَرَفَةَ: هَذِهِ مُصَادَرَةٌ وَيَرُدُّهُ رِوَايَةُ الشَّيْخِ مَنْ سَارَ بَرِيدَيْنِ فَرَجَعَ إلَى طَرِيقٍ أَقْصَرَ وَمَمَرُّهُ عَلَى مَنْزِلِهِ وَلَمْ يُرِدْ النُّزُولَ بِهِ أَثِمَ فِي رُجُوعِهِ حَتَّى يُجَاوِرَهُ انْتَهَى.

اُنْظُرْ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: " وَمَمَرُّهُ عَلَى مَنْزِلِهِ " فَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ: " أَرْجِعُ عَلَى طَرِيقِي وَلَا أَدْخُلُ مَدِينَتِي " وَانْظُرْ أَيْضًا قَدْ ظَهَرَ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَيْلٌ لِقَوْلِ سَنَدٍ: " الدَّائِرُ كَالْمُسْتَقِيمِ " فَلِمَ لَا يُعَدُّ هَذَا دَائِرًا؟ وَانْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلَا عَادِلٌ عَنْ قَصِيرٍ ".

(إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَرَادَ سَفَرًا فَلْيُتِمَّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ حَتَّى لَا يُحَاذِيَهُ، أَوْ يُوَاجِهَهُ مِنْهَا شَيْءٌ وَكَذَلِكَ فِي الْبَحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>