وَأَنَّهُ يُرَاعِي مَسَافَتَهُ إلَى مَوْضِعٍ نَوَى فِيهِ الْإِقَامَةَ وَجَعَلَهُ كَوَطَنِهِ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَ كُلِّ مَوْضِعَيْنِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ أَتَمَّ وَلَمْ يَقْصُرْ.
ابْنُ يُونُسَ: وَقَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى فِي أَوَّلِ سَفَرِهِ أَنْ يَسِيرَ كَذَلِكَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَنَّهُ يَجْزِيهِ التَّبْيِيتُ لِأَوَّلِ لَيْلَةٍ وَلَا يَضُرُّهُ تَخَلُّلُ الْفِطْرِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الصَّوْمِ الْمُتَّصِلِ، فَكَذَلِكَ هَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ السَّفَرِ الْمُتَّصِلِ وَلَا يَضُرُّهُ تَخْلِيلُ الْإِقَامَةِ وَلَيْسَ نِيَّتُهُ الْإِقَامَةَ كَدُخُولِهِ وَطَنًا لَهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْمَامَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَتَهُ فِي غَيْرِ وَطَنِهِ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ وَطَنِهِ.
(وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا أَجْمَعَ الْمُسَافِرُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ عَلَى مُقَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَصَامَ حَتَّى يَظْعَنَ مِنْ مَكَانِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: يُلْغِي يَوْمَ دُخُولِهِ وَلَا يَحْسِبُهُ.
ابْنُ يُونُسَ: هَذَا أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي الْعَدَدِ وَالْإِيمَانِ، وَالْقِيَاسُ، الْبِنَاءُ عَلَى بَعْضِ الْيَوْمِ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُلْغِيَ بَعْضَ الْيَوْمِ وَيَبْدَأَ مِنْ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَوَّازِ: إذَا دَخَلَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَنَوَى إقَامَةَ عِشْرِينَ صَلَاةً أَتَمَّ انْتَهَى.
وَنَصُّ الرِّسَالَةِ: وَإِنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، أَوْ مَا يُصَلِّي فِيهِ عِشْرِينَ صَلَاةً أَتَمَّ (وَلَوْ بِخِلَالِهِ) .
ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَقْطَعُهُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَتْ فِي خِلَالِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
اُنْظُرْ إنْ كَانَ عَنَى أَنَّهُ يُتِمُّ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِي نِيَّتِهِ أَنْ يُقِيمَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لِيَكُونَ قَدْ اخْتَصَرَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافًا لِمُرْتَضَى ابْنِ يُونُسَ وَقَوْلِ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ (إلَّا الْعَسْكَرَ بِدَارِ الْحَرْبِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَا أَقَامَ الْعَسْكَرُ بِدَارِ الْحَرْبِ قَصَرَ، وَإِنْ طَالَ مُقَامُهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ دَارُ الْحَرْبِ كَغَيْرِهَا.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَيَقْصُرُ إنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إذْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ مِلْكَ الثِّقَةِ حَتَّى يُجَاوِزَ الضُّرُوبَ وَيَصِيرَ بِمَحَلِّهِ آمِنًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا كَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَتَمَّ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِصْرٍ وَلَا قَرْيَةٍ.
(أَوْ الْعِلْمِ بِهَا عَادَةً) ابْنُ الْحَاجِبِ: يَقْطَعُ الْقَصْرَ نِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ قَالَ: وَمُرُورُهُ بِوَطَنِهِ كَنِيَّةِ إقَامَتِهِ، وَالْعِلْمُ بِهَا بِالْعَادَةِ مِثْلُهُمَا، وَإِلَّا قَصَرَ أَبَدًا وَلَوْ مُنْتَهَى سَفَرِهِ.
وَمِنْ