كِتَابِ الْغَصْبِ: وَإِذَا دُفِنَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ جُعِلَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ. قِيلَ: فَهَلْ يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ الصَّعِيدِ أَوْ يُدْفَنَانِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا.
قَالَ أَشْهَبُ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ: يُفْعَلُ ذَلِكَ بِالرَّجُلَيْنِ لِلضَّرُورَةِ وَيُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ أَفْضَلُهُمَا وَلَا يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا مِنْ الصَّعِيدِ حَاجِزًا وَكَفَى بِالْأَكْفَانِ بَيْنَهُمَا حَاجِزًا. وَكَذَلِكَ إنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِمَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ حَظُّهُ مِنْ الْإِسَاءَةِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ بِجَعْلِ مَنْفُوسِ النُّفَسَاءِ مَعَهَا إنْ اسْتَهَلَّ جُعِلَ لِنَاحِيَةِ الْأَمَامِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَإِلَّا أُخِّرَ عَنْهَا وَنُوِيَتْ بِالصَّلَاةِ دُونَهُ إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُدْفَنَ مَعَهَا وَلَوْ اسْتَهَلَّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ جُمِعُوا فِي قَبْرٍ لِلضَّرُورَةِ فَالرَّجُلُ لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْمَرْأَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ: يُؤْخَذُ هَذَا التَّرْتِيبُ فِي تَعَدُّدِ قُبُورِهِمْ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَفِي تَقَدُّمِ إقْبَارِهِمْ (أَوْ بِصَلَاةٍ يَلِي الْإِمَامَ رَجُلٌ فَطِفْلٌ فَعَبْدٌ فَخَصِيٌّ فَخُنْثَى كَذَلِكَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ لَمْ يَنْبَغِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى بَعْضِهَا وَيُؤَخِّرَ بَعْضَهَا.
ابْنُ رُشْدٍ: إذَا قَلَّ عَدَدُ الْجَنَائِزِ فَكَانُوا دُونَ الْعِشْرِينَ فَكَانَ مَالِكٌ يَرَى الْأَحْسَنَ أَنْ يُجْعَلُوا وَاحِدًا أَمَامَ وَاحِدٍ، ثُمَّ رَأَى وَاسِعًا أَنْ يَجْعَلُوا سَطْرًا وَاحِدًا مِنْ الشَّرْقِ إلَى الْغَرْبِ وَلَمْ يُفَضِّلْ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى. وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ جَنَائِزُ الرِّجَالِ وَحْدَهُمْ أَوْ مَعَ النِّسَاءِ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ سَطْرَيْنِ سَطْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا. فَإِنْ كَانَتْ الْأَسْطُرُ وِتْرًا قَامَ الْإِمَامُ فِي وَسَطِ الْأَوْسَطِ مِنْهَا. وَإِنْ كَانَتْ شَفْعًا قَامَ فِيهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ وَيَسَارِ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ وَيَكُونُ الْأَفْضَلُ مِنْهُمْ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيه فِي الْفَضْلِ يَلِي الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ الَّذِي يَلِي الَّذِي عَلَى شِمَالِهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الصَّفِّ الَّذِي أَمَامَهُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَبَدًا.
وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute