للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرُهُ: مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى الْقَبْرِ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ: يُصَلِّي عَلَى الْقَبْرِ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَالصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مُبَاحٌ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى كَرَاهَتِهِ، وَفِعْلُ الْخَيْرِ لَا يَجِبُ أَنْ يُمْنَعَ إلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي مَسَالِكِهِ: فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّجَاشِيِّ دَلِيلٌ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ.

قَالَتْ الْمَالِكِيَّةُ: لَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِمُحَمَّدٍ. قُلْنَا: مَا عَمِلَهُ مُحَمَّدٌ يُعْمَلُ وَتَعْمَلُ بِهِ أُمَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ. فَإِنْ قِيلَ: أُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْنَا رَبَّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ وَنَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ أَهْلٌ وَلَكِنْ لَا نُقِرُّ بِهِ لِأَنَّكُمْ رَوَيْتُمُوهُ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ.

(وَتَغْسِيلُ جُنُبٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ لِلْحَائِضِ أَنْ تُغَسِّلَ الْمَيِّتَ وَلَا أُحِبُّ لِلْجُنُبِ أَنْ يُغَسِّلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: الْأَظْهَرُ فِي ذَلِكَ الْكَرَاهَةُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ طُهْرَهُ.

(كَسِقْطٍ وَتَحْنِيطُهُ وَتَسْمِيَتُهُ وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى عَلَى الْمَوْلُودِ وَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُحَنَّطُ وَلَا يُسَمَّى وَلَا يُورَثُ وَلَا يَرِثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا بِالصَّوْتِ. انْتَهَى نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: يَبْقَى النَّظَرُ إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لَكِنَّهُ تَحَرَّكَ وَرَضَعَ وَعَطَسَ أَوْ مَكَثَ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَهُوَ حَيٌّ يَتَنَفَّسُ وَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ أَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَهُوَ حَيٌّ ثُمَّ تَمَّ خُرُوجُهُ بَعْدَ أَنْ مَاتَ كَالْحَامِلِ تُجْرَحُ فَيَخْرُجُ بَعْضُ الْجَنِينِ وَهِيَ حَيَّةٌ وَبَعْضُهُ بَعْدَمَا مَاتَتْ. وَهَلْ فِيهِ غُرَّةٌ؟ أَكْثَرُهُمْ يَذْكُرُ هَذَا فِي بَابِ الْفَرَائِضِ (وَدَفْنُهُ بِدَارٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ شِهَابٌ: السُّنَّةُ أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَى السِّقْطِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ أُمِّهِ. وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُدْفَنَ السِّقْطُ فِي الدَّارِ. الْقَابِسِيُّ: لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْبَشَ مَعَ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ.

وَقَالَ الْإِبْيَانِيُّ: جَائِزٌ أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلُ فِي دَارِهِ.

(وَلَيْسَ عَيْبًا بِخِلَافِ الْكَبِيرِ) سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الدَّارَ فَيَجِدُ فِيهَا قَبْرًا قَدْ كَانَ الْبَائِعُ دَفَنَهُ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ كَأَنَّهُ حَبْسٌ. قِيلَ لِمَالِكٍ: إنْ وَجَدَ فِيهَا الْمُشْتَرِي قَبْرَ سِقْطٍ؟ قَالَ: لَا أَرَى السِّقْطَ عَيْبًا لِأَنَّ السِّقْطَ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى. قِيلَ: أَفَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَوْضِعِ السِّقْطِ؟ قَالَ: أَكْرَهُ ذَلِكَ.

قَالَ سَحْنُونَ: وَالْقِيَاسُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ. اُنْظُرْ قَوْلَ مَالِكٍ: أَرَى أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ. اعْتَرَضَهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يَسِيرٌ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ.

قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَاَلَّذِي فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ عَيْبٌ لَازِمٌ وَلَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا بَعْضُ أَهْلِ الْخَيْرِ بَنَى دَارًا لَهُ فَوَجَدَ فِي بُقْعَةٍ مِنْهَا عِظَامَ آدَمِيٍّ يَكُونُ مَوْضِعُهُ حَبْسًا لَا يُنْتَفَعُ لَهُ وَلَا بِهَوَاهُ فَتَرَكَهُ وَهَوَاهُ بَرْحًا (وَلَا حَائِضٍ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَتَغْسِيلُ جُنُبٍ ".

(وَصَلَاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَيُوَرَّثُ وَإِثْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ ابْنُ يُونُسَ: إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ وَلِأَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>