للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ» فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَةِ الْإِشْعَارِ بِالْجِنَازَةِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْ ذَلِكَ بِالدُّعَاءِ. وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ شُهُودَ الْجَنَائِزِ خَيْرٌ وَعَمَلُ بِرٍّ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الدُّعَاءَ إلَى الْخَيْرِ مِنْ الْخَيْرِ. الْبَاجِيُّ: أَمَرَتْ عَائِشَةُ أَنْ يُمَرَّ عَلَيْهَا بِجِنَازَةِ سَعْدٍ أَرَادَتْ أَنْ تَدْعُوَ لَهُ بِحَضْرَتِهِ لِأَنَّ مُشَاهَدَتَهُ تَدْعُو إلَى الْإِشْفَاقِ وَالِاجْتِهَادِ لَهُ وَلِذَلِكَ يُسْعَى إلَى الْجِنَازَةِ وَلَا يُجْتَزَأ بِمَا يُدْعَى لَهُ فِي الْمَنْزِلِ.

(وَقِيَامٌ لَهَا) ابْنُ عَرَفَةَ: نُسِخَ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ وَفِي كَوْنِهِ نَسْخَ وُجُوبٍ لِنَدْبٍ أَوْ لِإِبَاحَةٍ؟ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لِإِبَاحَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ: وَأَمَّا الْقِيَامُ عَلَى الْجِنَازَةِ حَتَّى تُدْفَنَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا نُسِخَ.

(وَتَطْيِينُ قَبْرٍ أَوْ تَبْيِيضُهُ وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ تَحْوِيزٌ وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ تَجْصِيصَ الْقُبُورِ وَالْبِنَاءَ عَلَيْهَا لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ تَجْصِيصِهَا. الْمَازِرِيُّ: مَعْنَاهُ تَبْيَضُّ بِالْجِيرِ أَوْ بِالتُّرَابِ الْأَبْيَضِ وَالْقَصَّةُ الْجِيرُ وَهُوَ الْجَصُّ. انْتَهَى نَصُّ الْمَازِرِيِّ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا. ابْنُ رُشْدٍ: الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا الْبِنَاءُ حَوَالَيْهِ فَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ جِهَةِ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَمْلَاكِ.

وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: لَا بَأْسَ بِالْحَائِطِ الْيَسِيرِ الِارْتِفَاعِ لِيَكُونَ حَاجِزًا بَيْنَ الْقُبُورِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ عَلَى النَّاسِ مَوْتَاهُمْ مَعَ غَيْرِهِ لِيُتَرَحَّمَ عَلَيْهِمْ وَيُجْمَعَ إلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفِنَ فِي مَقْبَرَةِ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ فَلَا يُمْنَعُ لِأَنَّ الْجَبَّانَةَ أَحْبَاسٌ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ فِيهَا شَيْئًا. وَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ بِهَدْمِ مَا بُنِيَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>