عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ زَكَّى غَنَمَهُ وَلَبِثَ بِهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِعُذْرِ زَكَاتِهَا ثُمَّ خَلَطَهَا مَعَ رَجُلٍ فَأَتَى السَّاعِي فِي هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي خَلَطَ فِيهِ غَنَمَهُ وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَى صَاحِبِهِ الزَّكَاةُ فِي غَنَمِهِ فَقَالَ: يُزَكِّي غَنَمَ صَاحِبِهِ وَلَيْسَ عَلَى هَذَا زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ يَوْمِ زَكَّى إلَّا أَنْ يُخْرِجَ غَنَمَهُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مِنْ أَفَادَ غَنَمًا أَوْ اشْتَرَاهَا فَلَبِثَتْ فِي يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَتَاهُ السَّاعِي فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ مِنْ سَنَةٍ قَابِلٍ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ لَا يَكُونُ الرَّجُلَانِ خَلِيطَيْنِ وَيُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ حَتَّى يَكُونَ الْحَوْلُ قَدْ حَالَ عَلَى مَاشِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. فَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَقَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَمَاشِيَةُ الْآخَرِ خَمْسِينَ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْهُمَا شَاتَيْنِ، فَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْمِائَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِينَ شَيْئًا لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةَ مَظْلِمَةٌ، وَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ رَجَعَ بِالْوَاحِدَةِ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ وَكَانَتْ الثَّانِيَةُ مَظْلِمَةً وَقَعَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْمِائَةِ وَوَاحِدَةً مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْخَمْسِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ رُجُوعٌ بِالشَّاةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا مَظْلِمَةٌ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَلَا تَرَادَّ فِي هَذَا إذْ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ إذَا زَكَّاهَا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ وَمَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ (وَاجْتَمَعَا بِمِلْكٍ) اُنْظُرْ هَذَا هِيَ الشَّرِكَةُ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ يُونُسَ عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الشَّرِيكَانِ كَالْخَلِيطَيْنِ وَلَا تَرَادَّ بَيْنَهُمَا (أَوْ بِمَنْفَعَةٍ فِي الْأَكْثَرِ) هَذِهِ هِيَ مَسْأَلَةُ الْخُلَطَاءِ.
قَالَ مَالِكٌ: مِمَّا يُوجِبُ الْخُلْطَةَ أَنْ يَكُونَ الرَّاعِي وَالْفَحْلُ وَالدَّلْوُ وَالْمُرَاحُ وَالْمَبِيتُ وَاحِدًا. ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَوْجُهُ كُلُّهَا وَانْخَرَمَ بَعْضُهَا لَمْ يُخْرِجْهُمْ ذَلِكَ مِنْ الْخُلْطَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَكُونُونَ خُلَطَاءَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا فِي جُلِّ ذَلِكَ (وَمُرَاحٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَاحِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكَ الرَّقَبَةِ لِجَمِيعِهِمْ أَوْ مَمْلُوكَ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مَوَاضِعَ كَثِيرَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى أَنْ يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ إلَى جَمِيعِهَا.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمَبِيتِ. الْمُرَاحُ هُوَ حَيْثُ تَجْتَمِعُ الْغَنَمُ لِلْقَائِلَةِ، وَقِيلَ حَيْثُ تَجْتَمِعُ لِلْمَبِيتِ. عِيَاضٌ: حَقِيقَةُ الْمُرَاحِ الْمَبِيتُ وَجَعَلَهُ فِيهَا مَرَّةً نَفْسَهُ وَمَرَّةً غَيْرَهُ (وَمَاءٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: الدَّلْوُ مُوجِبَاتُ الْخُلْطَةِ وَمَعْنَاهُ السَّقْيُ، وَمُقْتَضَى لَفْظِهِ أَنْ يَسْقِيَ الْجَمِيعَ بِدَلْوٍ وَاحِدٍ وَلَكِنْ أُلْحِقَ بِذَلِكَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَاءِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ مَمْلُوكًا أَوْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ مُشْتَرَكَةً (وَمَبِيتٍ) الْبَاجِيُّ: مِنْ الْمَعَانِي الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْخُلْطَةِ الْمَبِيتُ (وَرَاعٍ بِإِذْنِهِمَا) الْبَاجِيُّ: إنْ كَانَ الَّذِي يَرْعَى الْغَنَمَ وَاحِدًا فَقَدْ حَصَلَتْ الْخُلْطَةُ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ رَاعٍ يَأْخُذُ أُجْرَتَهُ مِنْ مَالِكِهَا وَكَانُوا يَتَعَاوَنُونَ بِالنَّهَارِ عَلَى جَمِيعِهَا وَكَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ أَرْبَابِهَا لِكَثْرَةِ الْغَنَمِ وَاحْتِيَاجِهَا إلَى ذَلِكَ فَهِيَ أَيْضًا خُلْطَةٌ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ رُعَاةٌ لِجَمِيعِ الْمَاشِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْغَنَمُ مِنْ الْقِلَّةِ بِحَيْثُ يَقُومُ رَاعِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَاشِيَتِهِ دُونَ عَوْنِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى حِفْظِهَا مِنْ صِفَاتِ الْخُلْطَةِ، وَكَذَا إنْ كَانَ تَعَاوُنُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ فَلَيْسَتْ بِخُلْطَةٍ (وَفَحْلٍ بِرِفْقٍ) الْبَاجِيُّ: الْفَحْلُ الَّذِي يَضْرِبُ الْمَاشِيَةَ إنْ كَانَ وَاحِدًا فَهُوَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute