قَوْلُ الْبَاجِيِّ إنَّ الْعِنَبَ لَا يُخْرَجُ مَعَ مَا يَأْتِي لِابْنِ رُشْدٍ.
(نِصْفُ عُشْرِهِ) هَذَا هُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: " وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ " قَالَ مَالِكٌ: فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ أَوْ شَرِبَ سَيْحًا أَوْ بَعْلًا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سَقَتْهُ السَّوَانِي بِغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ أَوْ غَيْرِهِ نِصْفُ الْعُشْرِ. ابْنُ حَبِيبٍ: الْبَعْلُ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْيِ سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَالسَّيْحُ مَا يَشْرَبُ بِالْعُيُونِ، وَالْعَثَرِيُّ مَا تَسْقِيهِ السَّمَاءُ، وَالنَّضْحُ مَا سَقَتْهُ السَّوَانِي وَالزَّرَانِيقُ وَبِالْيَدِ وَبِالدَّلْوِ.
(كَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ مُتَعَلِّقِ الزَّكَاةِ حَبُّ ذِي زَيْتٍ. ابْنُ بَشِيرٍ: لَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الزَّيْتُونِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِالْمَدِينَةِ وَأَحْوَازِهَا. الْبَاجِيُّ: وَالِاعْتِبَارُ فِي نِصَابِهَا إنَّمَا هُوَ بِالْكَيْلِ وَالْكَيْلُ لَا يَتَهَيَّأُ إلَّا فِي الْحَبِّ فَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ مِنْ الزَّيْتِ إذَا بَلَغَ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ مَالِكٌ يَرَى الزَّكَاةَ فِي الزَّيْتُونِ وَالْجُلْجُلَانِ وَالْمَاشُ هُوَ حَبُّ الْفَحْلِ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ الْعُشْرَ مِنْ زَيْتِهَا بَعْدَ عَمَلِهِ (وَثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ وَمَا لَا يَجِفُّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَخْرِصُ الزَّيْتُونُ وَيُؤَمَّنُ عَلَيْهِ أَهْلُهُ كَمَا يُؤَمَّنُوا عَلَى الْحَبِّ. فَإِذَا بَلَغَ كَيْلُ حَبِّهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ زَيْتِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا زَيْتَ لَهُ كَزَيْتُونِ مِصْرَ فَمِنْ ثَمَنِهِ عَلَى مَا فَسَّرْنَا فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ. اُنْظُرْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ: " نِصْفُ عُشْرِهِ ".
(وَفُولٍ أَخْضَرَ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: يَتَحَرَّى مَا يَأْكُلُ مِنْ فَرِيكِ زَرْعِهِ وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ أَخْضَرَ، فَإِنْ بَلَغَ مَا خَرَصَهُ عَلَى الْيُبْسِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ زَكَاةً أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا يَابِسًا مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ. قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ مَالِكٌ: فِي الْفُولِ وَالْحِمَّصِ زَكَّاهُ يَبِيعُهُ أَخْضَرَ إنْ شَاءَ أَخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ لِأَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ إنَّمَا يَشْتَرِيهِ الْمُشْتَرِي لِيُيَبِّسَهُ فَهُوَ يَنْقُصُ فِي ثَمَنِهِ لِذَلِكَ، وَالْحِمَّصُ وَالْفُولُ لَمْ يُشْتَرَ لِلتَّيْبِيسِ فَلَا نَقْصَ فِي الثَّمَنِ، فَإِذَا أَعْطَى مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَنْبَخِسْ الْمَسَاكِينُ انْتَهَى.
اُنْظُرْ كَرْمَ غَرْنَاطَةَ أَكْثَرُهَا لَمْ تُشْتَرَ لِلتَّيْبِيسِ وَمِنْ أَعْنَابِهَا مَا يَتَعَذَّرُ تَيْبِيسُهُ وَمَا لَا يُضْبَطُ خَرْصُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُ عِنَبَهُ عَلَى يَدَيْهِ يَوْمًا بِيَوْمٍ. وَمُقْتَضَى الْمَنْصُوصِ أَنَّ هَذَا مُسَوِّغٌ لِإِخْرَاجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute