لِعَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي النَّظَرِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَحْرِيكِ مَالِهِ وَتَنْمِيَتِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا (وَمَدْفُوعَةٍ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِالضَّمَانِ) سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ أَعْطَى رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ وَقَالَ لَهُ اتَّجِرْ فِيهَا وَلَك رِبْحُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْك فِيهَا، فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ وَلَا عَلَى الَّذِي هِيَ لَهُ زَكَاتُهَا حَتَّى يَقْبِضَهَا فَيُزَكِّيَهَا زَكَاةً وَاحِدَةً لِسَنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا مِمَّنْ يُدِيرُ فَيُزَكِّيهَا مَعَ مَالِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا عَلَى حَالِهَا. ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ فِي هَذَا وَلَمَّا لَمْ تَدْخُلْ فِي ضَمَانِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا بِخِلَافِ السَّلَفِ وَمَا أَوْجَبَ صَاحِبُهَا رِبْحَهَا لِغَيْرِهِ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُحَرِّكَهَا لِنَفْسِهِ فَأَشْبَهَتْ اللُّقَطَةَ الَّتِي سَقَطَتْ عَنْهُ زَكَاتُهَا لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَحْرِيكِهَا.
(وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ وُرِثَتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: تَسْتَقْبِلُ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ تَقْبِضُهُ كَانَ عَيْنًا أَوْ مَاشِيَةً مَضْمُونَةً، وَكَذَلِكَ عَلَى دَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ وَإِنْ قَبَضَتْهَا بَعْدَ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ كَانَ فَائِدَةً وَضَمَانُهَا كَانَ مِنْ الزَّوْجِ فَأَمَّا مَاشِيَةً بِعَيْنِهَا أَوْ نَخْلًا بِعَيْنِهَا فَأَثْمَرَتْ فَزَكَاتُهَا عَلَيْهَا أَتَى الْحَوْلُ وَهِيَ عِنْدَ الزَّوْجِ أَوْ عِنْدَهَا لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهَا، وَلَوْ قَبَضَتْ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَوْلِ زَكَّتْهُ مَكَانَهَا وَلَمْ تُؤَخِّرْهُ، وَكَذَا مَا وَرِثَهُ وَارِثٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَالْمُصَدِّقُ يَأْخُذُ لِذَلِكَ كُلَّ عَامٍ. وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ الْأَخْضَرُ يَرِثُهُ يُزَكِّي يَوْمَ حَصَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا بَاعَ الْقَاضِي دَارَ الْقَوْمِ وَرِثُوهَا وَأَوْقَفَ ثَمَنَهَا حَتَّى يُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ قَبَضُوهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبَضُوهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ وَرِثَ مَالًا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَقَبَضَهُ بَعْدَ سِنِينَ فَلَا يُزَكِّيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ.
(إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا) لَيْسَ هَذَا بِالْمَشْهُورِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ وَرِثَ مَالًا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ رَسُولًا بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَقَبَضَهُ يَعْنِي بَعْدَ أَعْوَامٍ حُسِبَ لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ قَبْضِ رَسُولِهِ فَيُزَكِّيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: فَقَوْلُهُ: " إنْ قَبَضَهُ رَسُولُهُ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَحَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ " يَدُلُّ عَلَى لَغْوِ عِلْمِهِ بِهِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ مَالٌ مَوْرُوثٌ لَمْ يَصِلْ إلَى يَدِ وَارِثِهِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُ الْعَيْنَ، أَصْلُهُ ثَمَنُ الْعَرْضِ الْمَوْرُوثِ لِأَنَّ الْعَرْضَ الْمَوْرُوثَ كَمَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الْعَيْنِ الْمَوْرُوثِ، وَقَبْضُ ثَمَنِ الْعَرْضِ كَقَبْضِ الْعَيْنِ الْمَوْرُوثِ كَمَا أَنَّ عَرْضَ التِّجَارَةِ كَدَيْنِ التِّجَارَةِ، وَقَبْضُ ثَمَنِ عَرْضِ التِّجَارَةِ كَقَبْضِ دَيْنِ التِّجَارَةِ فَكَذَلِكَ الْمِيرَاثُ. (أَوْ لَمْ تُوقَفْ) ابْنُ يُونُسَ: إنْ وَرِثَ مَالًا يَعْنِي بِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَأَوْقَفَهُ لَهُ الْقَاضِي بِيَدِ رَجُلٍ فَلْيُزَكِّهِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا صَوَابٌ لِأَنَّهُ يَدُ الْمُودَعِ كَيَدِهِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ لِأَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي وَنَظَرَهُ لِغَيْرِهِ كَفِعْلِهِ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ ضَمَّنَهُ الْقَاضِي لِأَحَدٍ فَلْيُزَكِّهِ إذَا قَبَضَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ إذَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ فَحَبَسَهُ سِنِينَ ثُمَّ قَبَضَهُ مِنْهُ رَبُّهُ لَمْ يُزَكِّهِ إلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ حَبْسَ الْوَكِيلِ إيَّاهُ تَعَدِّيًا ضَمِنَهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ خَوْفِ طَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ وَلَا يَصِلُ رَبُّهُ إلَيْهِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَهُ فِي بَلَدٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ فَتَرَكَهُ أَوْ حَبَسَهُ بِإِذْنِهِ إنْ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ فَلْيُزَكِّهِ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ. انْتَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute