للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَحُلِيٍّ وَإِنْ تَكَسَّرَ إنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا زَكَاةَ فِيمَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ مِنْ الْحُلِيِّ لِيَلْبَسْنَهُ أَوْ لِيُكْرِيَنَّهُ، وَلَا فِيمَا اتَّخَذَ الرَّجُلُ مِنْهُ لِلِبَاسِ أَهْلِهِ وَخَدَمِهِ وَالْأَصْلُ لَهُ وَلَا فِيمَا انْكَسَرَ مِنْهُ فَحُبِسَ لِإِصْلَاحِهِ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ إذَا انْكَسَرَ كَسْرًا يُصْلَحُ وَلَمْ يَتَهَشَّمْ وَأَمَّا لَوْ تَهَشَّمَ حَتَّى لَا يُسْتَطَاعَ إصْلَاحُهُ إلَّا أَنْ يَسْبِكَهُ وَيَبْتَدِئَ عَمَلَهُ فَهَذَا يُزَكَّى إذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بَعْدَ كَسْرِهِ لِأَنَّهُ كَالتِّبْرِ انْتَهَى.

وَظَاهِرُ خَلِيلٍ أَنَّ هَذَا النَّقْلَ هُوَ الَّذِي اُخْتُصِرَ فَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ إذَنْ فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَتَّخِذَهُ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ. أَمَّا إنْ اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: هُوَ عَلَى تِسْعَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ لِلتِّجَارَةِ فَهَذَا يُزَكِّيهِ.

الثَّانِي: أَنْ يَتَّخِذَهُ قِنْيَةً لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ بِنْتِهِ فِي الْحَالِ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: لِيَصْدُقَهُ امْرَأَةً يَتَزَوَّجُهَا أَوْ جَارِيَةً يَبْتَاعُهَا فَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ يُزَكِّيهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِهِ وَلَا صَارَ إلَى مَا أَمَلَ مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ فِي عَيْنِهِ الزَّكَاةَ وَلَا تَسْقُطُ إلَّا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْحَالِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: لِيُحَلِّيَهُ امْرَأَةً إذَا تَزَوَّجَهَا أَوْ أَمَةً إذَا اشْتَرَاهَا يُزَكِّيهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. اللَّخْمِيِّ: وَالزَّكَاةُ بَيِّنَةٌ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَالْوَجْهِ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي يُوجِبُ سُقُوطَ الزَّكَاةِ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ الْآنَ كَنْزٌ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: لِابْنَةٍ لَهُ تَلْبَسُهُ إذَا كَبُرَتْ تَجْرِي زَكَاتُهُ عَلَى زَكَاةِ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ قَبْلُ، فَيُزَكِّيهِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَصْوَبُ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ: لِلْكِرَاءِ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ، وَالْأَبْيَنُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ.

الْوَجْهُ السَّابِعُ: لِلْإِجَارَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَجْهِ قَبْلَهُ.

الْوَجْهُ الثَّامِنُ: لِيَبِيعَهُ وَلَا يَتَرَبَّصُ بِهِ غَلَاءً كَمْ وَرِثَهُ وَحَبَسَهُ لِيَبِيعَهُ أَوْ الْحَاجَةَ إنْ احْتَاجَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يُزَكِّيهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، رَآهُ كَالْعَيْنِ يُزَكِّيهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ بِهِ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ وَلَا غَلَاءَهَا.

الْوَجْهُ التَّاسِعُ: وَرِثَهُ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ شَيْئًا يُزَكِّيهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. انْتَهَى حُكْمُ حُلِيِّ النِّسَاءِ إذَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ.

وَأَمَّا أَذَا اتَّخَذَتْهُ الْمَرْأَةُ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: هُوَ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ: لِلِبَاسِهَا لَا زَكَاةَ، لِابْنَةٍ لَهَا تَلْبَسُهُ الْآنَ كَذَلِكَ لَا زَكَاةَ. لِلتِّجَارَةِ تُزَكِّيهِ، لِإِجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ مِنْ الْحُلِيِّ لِيُكْرِيَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِنَّ فِيهِ. وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الرَّجُلَ يُزَكِّي وَالْمَرْأَةُ لَا تُزَكِّي.

قَالَ: لِأَنَّهُ مِنْ لِبَاسِهِنَّ وَهُوَ لَوْ شِئْنَ أَنْ يَلْبَسْنَهُ لَبِسْنَهُ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْبَاجِيِّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَعْنِي الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَّخِذَهُ الْمَرْأَةُ لِلْكِرَاءِ أَوْ الرَّجُلُ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فِي الْمَرْأَةِ تَتَّخِذُ الْجَيْبَ لِتُكْرِيهِ لِلْعَرَائِسِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهَا فِيهِ.

وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ قَدْ عَنَسَتْ وَلَا تَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهَا فِيهِ. اللَّخْمِيِّ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَشَذُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّ الْجَيْبَ مِمَّا يُتَّخَذُ لِلْعَرَائِسِ خَاصَّةً فَهُوَ كَنْزٌ إلَّا أَنْ تُرِيدَ بِهِ الْإِجَارَةَ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ تَحْبِسُهُ لِابْنَةٍ لَهَا إذَا كَبُرَتْ اُخْتُلِفَ فِي زَكَاتِهِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى مِنْ اللَّخْمِيِّ: وَلَمْ يَذْكُرْ إذَا حَبَسَتْ الْمَرْأَةُ الْحُلِيَّ وَلَمْ تَنْوِ بِهِ شَيْئًا وَذَكَرَهُ فِي الرِّجَالِ وَقَالَ إنَّهُ يُزَكِّيهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: لَوْ اتَّخَذَتْ الْمَرْأَةُ حُلِيًّا عِدَّةً لِابْنَةٍ لَهَا إنْ حَدَثَتْ لَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا فِيهِ زَكَاةٌ لِأَنَّهَا مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهَا اتِّخَاذُهُ وَلِبَاسُهُ إنْ شَاءَتْ.

قَالَ: وَلَوْ اتَّخَذَتْهُ لَا لِلِبَاسٍ وَلَا لِكِرَاءٍ وَلَا لِعَارِيَّةٍ لَكِنْ عِدَّةً لِلدَّهْرِ إنْ احْتَاجَتْ إلَى شَيْءٍ بَاعَتْهُ فَعَلَيْهَا زَكَاتُهُ. وَلَوْ اتَّخَذَتْهُ أَوَّلًا لِلِّبَاسِ فَلَمَّا كَبُرَتْ نَوَتْ فِيهِ إذَا احْتَاجَتْ إلَى شَيْءٍ بَاعَتْهُ وَأَنْفَقَتْهُ فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>