للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُدِئَ بِهِمْ لِأَنَّ اسْتِنْقَاذَهُمْ مِنْ النَّارِ بِإِدْخَالِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ وَتَثْبِيتِهِمْ عَلَيْهِ إنْ كَانُوا أَسْلَمُوا أَفْضَلُ مِنْ إطْعَامِ فَقِيرٍ. وَإِذَا خُشِيَ عَلَى النَّاسِ بُدِئَ بِالْغَزْوِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: أَحَبُّ الْأَصْنَافِ إلَيَّ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ الزَّكَاةَ وَأَرْجَى لِلْأَجْرِ الْفُقَرَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَزْوٌ قَدْ حَلَّ فَالْغَزْوُ بِهَا أَفْضَلُ.

(وَأَخَذَ الْفَقِيرُ بِوَصْفِهِ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ اُسْتُعْمِلَ عَلَى الزَّكَاةِ فَقِيرٌ أُعْطِيَ بِحَقِّ الْفَقْرِ وَالِاسْتِعْمَالِ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا إنْ لَمْ يُغْنِهِ حَظُّ عَمَلِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْعَامِلُ مَدِينًا لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا لِغُرْمِهِ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْإِمَامِ بِالِاجْتِهَادِ. وَانْظُرْ رَسْمَ الْبَزِّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْبَضَائِعِ: أَجَازَ مَالِكٌ لِمَنْ بُعِثَ مَعَهُ بِمَالٍ لِلْمُنْقَطِعِينَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ إذَا احْتَاجَ.

(وَلَا يُعْطَى جُلُوسُ الْفِطْرَةِ مِنْهَا) ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَا يُعْطَى مِنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ مَنْ يُخْرِجُهَا وَلِيُعْطَ مِنْ غَيْرِهَا. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ ".

(وَمُؤَلَّفٌ كَافِرٌ لِيُسْلِمَ وَحُكْمُهُ بَاقٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ بَاقٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَكِنْ لَا يُعْطُونَ إلَّا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِمْ وَاخْتُلِفَ فِي صِفَتِهِمْ فَقِيلَ هُمْ صِنْفٌ مِنْ الْكُفَّارِ يُعْطُونَ لِيَتَأَلَّقُوا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ هُمْ قَوْمٌ أَسْلَمُوا فِي الظَّاهِرِ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ الْإِسْلَامُ فِي قُلُوبِهِمْ فَيُعْطُونَ لِيَتَمَكَّنَ الْإِسْلَامُ فِي قُلُوبِهِمْ، وَقِيلَ هُمْ قَوْمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَسْلَمُوا وَلَهُمْ أَتْبَاعٌ يُعْطُونَ لِيَتَأَلَّقُوا أَتْبَاعَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى وَالْقَصْدُ بِجَمِيعِهَا الْإِعْطَاءُ لِمَنْ لَا يَتَكَلَّمُ إسْلَامُهُ حَقِيقَةً إلَّا بِالْإِعْطَاءِ فَكَأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الْجِهَادِ. وَقَدْ عَلِمَتْ الشَّرِيعَةُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ يَرْجِعُ بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ وَإِظْهَارِ الْبُرْهَانِ، وَصِنْفٌ بِالْقَهْرِ وَالسَّيْفِ، وَصِنْفٌ بِالْإِعْطَاءِ وَالْإِحْسَانِ، فَلْيَسْتَعْمِلْ الْإِمَامُ النَّاظِرَ لِلْمُسْلِمِينَ مَعَ كُلِّ صِنْفٍ مَا يَكُونُ سَبَبَ نَجَاتِهِ وَخَلَاصِهِ مِنْ الْكُفْرِ. وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَالثَّانِي لِلْبَاجِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَالثَّالِثُ لِنَقْلِ اللَّخْمِيِّ.

(وَرَقِيقٌ) قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الْإِمَامُ مِنْ الزَّكَاةِ رِقَابًا يُعْتِقُهُمْ وَوَلَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ مَنْ وَلِيّ صَدَقَةَ نَفْسِهِ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا رَقَبَةً فَيُعْتِقَهَا كَمَا يُعْتِقُهَا الْوَالِي وَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَعْتَقَهَا عَنْ نَفْسِهِ لَمْ تُجْزِهِ وَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ ثَانِيَةً لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهُ. اُنْظُرْ هَلْ يَعْمَلُ قِيمَةً لِمَمْلُوكِهِ وَيُعْتِقُهُ عَنْ زَكَاتِهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَوَقَعَ فِيهَا نِزَاعٌ.

(مُؤْمِنٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا مِنْ جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ إلَّا لِمُؤْمِنٍ حُرٍّ كَمَا لَا يُعْتَقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>