للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي هُوَ بِهِ فَقِيلَ يُعْطَى لِحَدِيثِ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ لِغَازٍ» الْحَدِيثَ.

وَلِأَنَّ أَخْذَهُ فِي مَعْنَى الْمُعَارَضَةِ وَالْأُجْرَةِ إذَا كَانَ أَوْقَفَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ فِي إعْطَائِهِ ضَرْبًا مِنْ الِاسْتِئْلَافِ لِمَشَقَّةِ مَا يُكَلَّفُونَ مِنْ بَذْلِ النُّفُوسِ. وَقِيلَ: لَا يُعْطَى إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ كَابْنِ السَّبِيلِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَتُرَدّ مِمَّنْ أَخَذَهَا لِيَغْزُوَ بِهَا فَجَلَسَ وَنَحْوُ هَذَا قَالُوا فِي الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ فِي السَّبِيلِ.

وَفِي الرِّوَايَةِ: وَلَا يُعْطَى مِنْ الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ فِي السَّبِيلِ إلَّا لِمَنْ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ لَا لِمَنْ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِمَا يُعْطَى. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا خَوْفُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ وَلَا يَخْرُجُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ: لَا يَأْخُذُ الْفَرَسَ الْمُعْطَى فِي السَّبِيلِ إلَّا مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ عَلَى التَّقَدُّمِ لِلْأَسِنَّةِ. وَلَمْ يَنْقُلْ اللَّخْمِيِّ غَيْرَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُجْعَلُ مِنْ الزَّكَاةِ نَصِيبٌ فِي الْحِمْلَانِ وَالسِّلَاحِ وَيَشْتَرِي مِنْهَا الْقِسِيَّ وَالْمَسَاحِي وَالْحِبَالَ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِحَفْرِ الْخَنَادِقِ والمنجنيقات لِلْحُصُونِ وَتُنْشَأُ مِنْهَا الْمَرَاكِبُ لِلْغَزْوِ وَكِرَاءِ النَّوَاتِيَّةِ، وَيُعْطَى مِنْهَا لِلْجَوَاسِيسِ الَّذِينَ يَأْتُونَ بِأَخْبَارِ الْعَدُوِّ، مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ نَصَارَى، وَيُبْنَى مِنْهَا حِصْنٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَرَى ذَلِكَ كُلَّهُ دَاخِلًا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠] وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: الْمَشْهُورُ لَا يُعْطَى مِنْهَا فِي بِنَاءِ الْأَسْوَارِ الَّتِي يُتَّقَى بِهَا مَعَرَّةُ الْعَدُوِّ، وَلَا فِي إنْشَاءِ الْأَسَاطِيلِ الْمَقْصُودِ بِهَا مُجَرَّدُ الْغَزْوِ وَلَا فِيمَا هُوَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ الْآلَاتِ انْتَهَى.

اُنْظُرْ جَعْلَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَمْ يَعْزُهُ وَلَمْ يَنْقُلْهُ اللَّخْمِيِّ، وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ: فَرْقٌ بَيْنَ بِنَاءِ سُوَرٍ لِمَدِينَةٍ يُتَّقَى بِهَا مَعَرَّةَ الْعَدُوِّ، وَبَيْنَ بِنَاءِ حِصْنٍ لِلرِّبَاطِ يُقِيمُ بِهِ أَهْلُهُ لِلذَّبِّ عَنْ جَمِيعِ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. فَقَدْ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ: لَا شَيْءَ لِمَنْ خَرَجَ بَعْدَ الْوَقْعَةِ مِنْ الْغَنِيمَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَدِينَةُ لِغَزْوٍ مُحْرَسًا مِثْلَ مَحَارِسِ الْمُنَسْتِيرِ وَالْحُصُونِ الَّتِي عَلَى سَاحِلِنَا وَمِثْلَ بَعْضِ مَوَاضِعِ الْأَنْدَلُسِ، فَالْغَنِيمَةُ لِمَنْ بَرَزَ وَلِمَنْ لَمْ يَبْرُزْ، قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، رَآهُ الْعَدُوُّ أَوْ لَمْ يَرَهُ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كَجَيْشٍ مُجْتَمِعٍ.

وَانْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْجِهَادِ: وَخَرَاجُهَا أَنَّ الْفَيْءَ يُبْدَأُ مِنْهُ إصْلَاحُ حُصُونِ السَّوَاحِلِ وَيُشْتَرَى مِنْهُ السِّلَاحُ وَالْكُرَاعُ. (كَجَاسُوسٍ لَا سُورٍ وَمَرْكَبٍ) مَا نَقَلَ اللَّخْمِيِّ فِي السُّورِ وَالْمَرْكَبِ وَالْجَاسُوسِ إلَّا الْجَوَازَ وَكُلُّ ذَلِكَ مَعْزُوٌّ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَانْظُرْ أَنْتَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ السُّورِ وَالْجَاسُوسِ قَبْلَ ابْنِ بَشِيرٍ.

(وَغَرِيبٌ) . ابْنُ يُونُسَ: ابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الْغَرِيبُ الْمُنْقَطِعُ يُدْفَعُ إلَيْهِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا إذَا صَارَ إلَى بَلَدِهِ (مُحْتَاجٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: يُعْطَى مِنْهَا ابْنُ السَّبِيلِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ (لِمَا يُوَصِّلُهُ) .

ابْنُ بَشِيرٍ: يُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ لِيَسْتَعِينَ بِذَلِكَ عَلَى التَّوَصُّلِ إلَى بَلَدِهِ أَوْ عَلَى اسْتِدَامَةِ سَفَرِهِ (فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) . اللَّخْمِيِّ: يُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ إذَا لَمْ يَكُنْ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ (وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا) اللَّخْمِيِّ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ وَجَدَ ابْنُ السَّبِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>