فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَوَقْفُهُ وَهَلْ يَجُوزُ وَقْفُ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةِ؟ فَأَجَابَ نَعَمْ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْبِنَاءِ فِي أَرْضِ عَارِيَّةٍ أَوْ إجَارَةٍ
وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ فَفِي الْمُنْيَةِ حَانُوتٌ لِرَجُلٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَأَبَى صَاحِبُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَنَّ الْعِمَارَةَ لَوْ رُفِعَتْ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي زِيَادَةِ أُجْرَةِ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ) أَصْلُ الْحِكْرِ الْمَنْعُ بَحْرٌ عَنْ الْخُطَطِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ الِاسْتِحْكَارُ عَقْدُ إجَارَةٍ يُقْصَدُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ الْأَرْضِ مُقَرَّرَةً لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: فَأَجَابَ نَعَمْ) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَوَقْفُهُ أَمَّا الْبَيْعُ فَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ مُحَرَّرًا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَأَمَّا وَقْفُ الْمَأْجُورِ فَفِي الْبَحْرِ يَصِحُّ وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ، فَإِذَا انْقَضَتْ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا صُرِفَ إلَى جِهَاتِ الْوَقْفِ اهـ وَأَمَّا وَقْفُ الْمَرْهُونِ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ وَأَمَّا وَقْفُ الشَّجَرِ فَهُوَ كَوَقْفِ الْبِنَاءِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ غَرْسُ شَجَرَةٍ وَوَقْفُهَا إنْ غَرَسَهَا عَلَى أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ يَجُوزُ وَقْفُهَا تَبَعًا لِلْأَرْضِ، وَإِنْ بِدُونِ أَصْلِهَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ إنْ وَقَفَهَا عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ جَازَ كَمَا فِي الْبِنَاءِ وَإِنْ وَقَفَهَا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَعَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي وَقْفِ الْبِنَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةٍ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ، مِنْ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَتْ مُتَقَرِّرَةً لِلِاحْتِكَارِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَحْرٌ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ: وَذَكَرَ فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ إنَّ وَقْفَ حَوَانِيتِ الْأَسْوَاقِ، يَجُوزُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِإِجَارَةٍ فِي أَيْدِي الَّذِينَ بَنَوْهَا لَا يُخْرِجُهُمْ السُّلْطَانُ عَنْهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّا رَأَيْنَاهَا فِي أَيْدِي أَصْحَابِ الْبِنَاءِ تَوَارَثُوهَا وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ السُّلْطَانُ فِيهَا، وَلَا يُزْعِجُهُمْ وَإِنَّمَا لَهُ غَلَّةٌ يَأْخُذُهَا مِنْهُمْ وَتَدَاوَلَهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ وَمَضَى عَلَيْهَا الدُّهُورُ وَهِيَ فِي أَيْدِيهِمْ يَتَبَايَعُونَهَا وَيُؤَجِّرُونَهَا وَتَجُوزُ فِيهَا وَصَايَاهُمْ وَيَهْدِمُونَ بِنَاءَهَا، وَيُعِيدُونَهُ وَيَبْنُونَ غَيْرَهُ فَكَذَلِكَ الْوَقْفُ فِيهَا جَائِزٌ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْفَتْحِ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ مُخَصِّصٌ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ أَوْ إجَارَةٍ وَقَدْ عَلِمْت وَجْهَهُ وَهُوَ بَقَاءُ التَّأْبِيدِ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا مِنْ تَخْصِيصِ الْوَقْفِ لِمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مُحْتَكَرَةً. مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْكِرْدَارِ وَالْكَدَكِ
١ -
[تَتِمَّةٌ] فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقْفُ الْكِرْدَارِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ كَوَقْفِ الْبِنَاءِ بِلَا أَرْضٍ. اهـ. وَفِي مُزَارَعَةِ الْخَيْرِيَّةِ الْكِرْدَارُ هُوَ أَنْ يُحْدِثَ الْمَزَارِعُ فِي الْأَرْضِ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا أَوْ كَبْسًا بِالتُّرَابِ صَرَّحَ بِهِ غَالِبُ أَهْلِ الْفَتَاوَى اهـ.
قُلْت: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ فِي الْكِرْدَارِ فَإِنْ كَانَ كَبْسًا بِالتُّرَابِ، فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ وَإِنْ كَانَ بِنَاءً أَوْ غَرْسًا فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي وَقْفِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ، وَمِنْ الْكِرْدَارِ مَا يُسَمَّى الْآنَ كَدَكًا فِي حَوَانِيتِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهَا مِنْ وُقُوفِ مَرْكَبَةٍ فِي الْحَانُوتِ وَإِغْلَاقٍ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ، وَمِنْهُ مَا يُسَمَّى قِيمَةً فِي الْبَسَاتِينِ وَفِي الْحَمَّامَاتِ، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ لِعَدَمِ الْعُرْفِ الشَّائِعِ بِخِلَافِ وَقْفِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فَإِنَّهُ مِمَّا شَاعَ وَذَاعَ فِي عَامَّةِ الْبِقَاعِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ إلَخْ) مَحَلُّ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي عِنْدَ ذِكْرِ إجَارَةِ الْوَقْفِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مُسْتَأْجِرَ أَرْضِ الْوَقْفِ إذَا بَنَى فِيهَا ثُمَّ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ زِيَادَةً فَاحِشَةً فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الْعِمَارَةِ وَالْبِنَاءِ أَوْ بِسَبَبِ زِيَادَةِ أُجْرَةِ الْأَرْضِ فِي نَفْسِهَا فَفِي الْأَوَّلِ لَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ عِمَارَتِهِ وَبِنَائِهِ، وَهَذَا لَوْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ مِلْكَهُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ لِلْوَقْفِ كَمَا لَوْ بَنَى بِأَمْرِ النَّاظِرِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْوَقْفِ تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ وَلِهَذَا قُيِّدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute