للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَحِيضُ: مَفْعِلٌ مِنَ الْحَيْضِ يَصْلُحُ لِلْمَصْدَرِ وَالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، تَقُولُ. حَاضَتِ الْمَرْأَةُ تَحِيضُ حَيْضًا وَمَحِيضًا بَنَوْهُ عَلَى: مَفْعِلٍ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا، وَفِيمَا كَانَ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ يَائِيُّ الْعَيْنِ عَلَى: فَعَلَ يَفْعِلُ، فِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ.

أَحَدُهَا: أَنَّهُ قِيَاسُهُ مَفْعَلٌ. بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمُرَادِ بِهِ الْمَصْدَرُ، وَبِكَسْرِهَا فِي الْمُرَادِ بِهِ الْمَكَانُ أَوِ الزَّمَانُ، فَيَصِيرُ: كَالْمَضْرِبِ فِي الْمَصْدَرِ، وَالْمَضْرِبِ بِالْكَسْرِ، أَيْ: بِكَسْرِ الرَّاءِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْمَحِيضِ، إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرُ، شَاذًّا، وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ كَانَ عَلَى الْقِيَاسِ.

الْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّكَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ تَفْتَحَ عَيْنَهُ أَوْ تَكْسِرَهُ، كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْمَحِيضِ وَالْمَحَاضِ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ كَثُرَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهَانِ فَاقْتَاسَا.

الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: الْقَصْرُ عَلَى السَّمَاعِ، فَمَا قَالَتْ فِيهِ الْعَرَبُ: مَفْعِلٌ، بِالْكَسْرِ أَوْ مَفْعَلٌ بِالْفَتْحِ لَا نَتَعَدَّاهُ، وَهَذَا هُوَ أَوْلَى الْمَذَاهِبِ.

وَأَصْلُ الْحَيْضِ فِي اللُّغَةِ السَّيَلَانُ، يُقَالُ: حَاضَ السَّيْلُ وَفَاضَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ:

حَاضَتِ الشَّجَرَةُ إِذَا سَالَ صَمْغُهَا، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلْحَوْضِ حَوْضٌ، لِأَنَّ الْمَاءَ يَحِيضُ إِلَيْهِ أَيْ يَسِيلُ، وَالْعَرَبُ تُدْخِلُ الْوَاوَ عَلَى الْيَاءِ، وَالْيَاءَ عَلَى الْوَاوِ، وَلِأَنَّهَا مِنْ حَيِّزٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْهَوَاءُ.

الِاعْتِزَالُ: ضِدُّ الِاجْتِمَاعِ، وَهُوَ التَّيَؤُّسُ مِنَ الشَّيْءِ وَالتَّبَاعُدُ مِنْهُ، وَتَارَةً يَكُونُ بِالْبَدَنِ، وَتَارَةً بِالْقَلْبِ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الْعَزْلِ، وَهُوَ تَنْجِيَةُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ.

أَنَّى: اسْمٌ وَيُسْتَعْمَلُ شَرْطًا ظَرْفَ مَكَانٍ، وَيَأْتِي ظَرْفَ زَمَانٍ بِمَعْنَى: مَتَى وَاسْتِفْهَامًا بِمَعْنَى: كَيْفَ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ لِتَضَمُّنِ مَعْنَى حَرْفِ الشَّرْطِ، وَحَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لَا يتصرف فيه بغير ذلك البتة.

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ سَبَبُ نُزُولِهَا سُؤَالُ عُمَرَ وَمُعَاذٍ،

قَالَا:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، فَإِنَّهُ مَذْهَبَةٌ لِلْعَقْلِ، مَسْلَبَةٌ لِلْمَالِ. فَنَزَلَتْ.

وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُمْ لَمَّا سَأَلُوا عَنْ مَاذَا يُنْفِقُونَ؟ فَبَيَّنَ لَهُمْ مَصْرِفَ ذَلِكَ فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى فَرْضَ الْقِتَالِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نَاسَبَ ذِكْرَ سُؤَالِهِمْ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، إِذْ هُمَا أَيْضًا مِنْ مَصَارِفِ الْمَالِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>