للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كَانَ أَبُو دَاوُدَ فِي عَسْكَرِ طَالُوتَ مَعَ سِتَّةٍ مِنْ بَنِيهِ، وَكَانَ دَاوُدُ سَابِعَهُمْ وَهُوَ صَغِيرٌ يَرْعَى الْغَنَمَ، فَأُوحِي إِلَى شَمْوِيلَ أَنَّ دَاوُدَ بْنَ إِيشَا يَقْتُلُ جَالُوتَ، فَطَلَبَهُ مِنْ أَبِيهِ، فَجَاءَ وَقَدْ مَرَّ فِي طَرِيقِهِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ دَعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَنْ يَحْمِلَهُ، وَقَالَتْ لَهُ: إِنَّكَ تَقْتُلُ بِنَا جَالُوتَ، فَحَمَلَهَا فِي مِخْلَاتِهِ، وَرَمَى بِهَا جَالُوتَ فَقَتَلَهُ، وَزَوَّجَهُ طَالُوتُ بِنْتَهُ، وَرُوِيَ أَنَّهُ حَسَدَهُ وَأَرَادَ قَتْلَهُ، ثُمَّ تَابَ. انْتَهَى. وَرُوِيَ: أَنَّ دَاوُدَ كَانَ مِنْ أَرْمَى النَّاسِ بِالْمِقْلَاعِ، وَرُوِيَ: أَنَّ الْأَحْجَارَ الْتَأَمَتْ فِي الْمِخْلَاةِ فَصَارَتْ حَجَرًا وَاحِدًا.

وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ رُوِيَ أَنَّ طَالُوتَ تَخَلَّى لدَاوُدَ عَنِ الْمُلْكِ، فَصَارَ الْمَلِكَ.

وَرُوِيَ: أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ غَلَبَتْ طَالُوتَ عَلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ قَتْلِ دَاوُدَ جَالُوتَ،

وَرُوِيَ أَنَّ طَالُوتَ أَخَافَ دَاوُدَ فَهَرَبَ مِنْهُ، فَكَانَ فِي جَبَلٍ إِلَى أَنْ مَاتَ طَالُوتُ، فَمَلَّكَتْهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ

، قَالَ الضَّحَّاكُ، وَالْكَلْبِيُّ: مُلِّكَ دَاوُدُ بَعْدَ قَتْلِ جَالُوتَ سَبْعَ سِنِينَ، فَلَمْ يَجْتَمِعْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى مَلِكٍ وَاحِدٍ إِلَّا عَلَى دَاوُدَ.

وَاخْتُلِفَ أَكَانَ دَاوُدُ نَبِيًّا عِنْدَ قَتْلِ جَالُوتَ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ: كَانَ نَبِيًّا، لِأَنَّ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى مَنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ عَلَى نَبِيٍّ، وَالْحِكْمَةُ وَضْعُ الْأُمُورِ مَوَاضِعَهَا عَلَى الصَّوَابِ، وَكَمَالُ ذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالنُّبُوَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ قَبْلَهُ، كَانَ الْمُلْكُ فِي سِبْطٍ وَالنُّبُوَّةُ فِي سِبْطٍ، فَلَمَّا مَاتَ شَمْوِيلُ وَطَالُوتُ اجْتَمَعَ لِدَاوُدَ الْمُلْكُ وَالنُّبُوةُ.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْحِكْمَةَ الزَّبُورُ، وَقِيلَ: الْعَدْلُ فِي السِّيرَةِ؟ وَقِيلَ: الْحِكْمَةَ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ بِهِ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ سِلْسِلَةٌ كَانَتْ مُتَدَلِّيَةً مِنَ السَّمَاءِ لَا يَمْسِكُهَا ذُو عاهة إلّا برىء، يُتَحَاكَمُ إِلَيْهَا، فَمَنْ كَانَ مُحِقًّا تَمَكَّنَ مِنْهَا حَتَّى إِنَّ رَجُلًا كَانَتْ عِنْدَهُ دُرَّةٌ لِرَجُلٍ، فَجَعَلَهَا فِي عُكَّازَتِهِ وَدَفَعَهَا إِلَيْهِ أَنِ احْفَظْهَا حَتَّى أَمَسَّ السِّلْسِلَةَ، فَتَمَكَّنَ مِنْهَا لِأَنَّهُ رَدَّهَا، فَرُفِعَتْ لِشُؤْمِ احْتِيَالِهِ.

وَإِذَا كَانَتِ الْحِكْمَةُ كَانَ ذِكْرُ الْمُلْكِ قَبْلَهَا. وَالنُّبُوَّةِ بَعْدَهُ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي.

وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ قِيلَ: صَنْعَةُ الدُّرُوعِ، وَقِيلَ: مَنْطِقُ الطَّيْرِ وَكَلَامُهُ لِلنَّحْلِ وَالنَّمْلِ، وَقِيلَ: الزَّبُورُ، وَقِيلَ: الصَّوْتُ الطَّيِّبُ والألحان، قيل: وَلَمْ يُعْطِ اللَّهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ مِثْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>