عَلَى مَا اتَّصَلَ بِهِ، وَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ امْتَنَعَ: زَيْدًا ضَرَبَ، وَزَيْدًا ظَنَّ قَائِمًا. وَالصَّحِيحُ جَوَازُ ذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَجَلُ الْمَرْءِ يُسْتَحَثُّ وَلَا يَدْ ... رِي إِذَا يَبْتَغِي حُصُولَ الْأَمَانِي
أَيِ: الْمَرْءُ فِي وَقْتِ ابْتِغَائِهِ حُصُولَ الْأَمَانِي يَسْتَحِثُّ أَجْلَهُ ولا يشعر.
و: تجد، الظَّاهِرُ أَنَّهَا مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى وَاحِدٍ وَهُوَ: مَا عَمِلَتْ، فَيَكُونُ بِمَعْنَى نَصِيبٍ، وَيَكُونُ: مُحْضَرًا، مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ. وَقِيلَ: تَجِدُ، هُنَا بِمَعْنَى: تَعْلَمُ، فَتَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ، وَيَنْتَصِبُ: مُحْضَرًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لَهَا، وَمَا، فِي: مَا عَمِلَتْ، مَوْصُولَةٌ، وَالْعَائِدُ عَلَيْهَا مِنَ الصِّلَةِ مَحْذُوفٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً أَيْ: عَمَلُهَا، وَيُرَادُ بِهِ إِذْ ذَاكَ اسْمُ الْمَفْعُولِ، أَيْ: مَعْمُولُهَا، فَقَوْلُهُ: مَا عَمِلَتْ، هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: جَزَاءَ مَا عَمِلَتْ وَثَوَابَهُ.
قِيلَ: وَمَعْنَى: مُحْضَرًا عَلَى هَذَا مُوَفَّرًا غَيْرَ مَبْخُوسٍ. وَقِيلَ: تَرَى مَا عَمِلَتْ مَكْتُوبًا فِي الصُّحُفِ مُحْضَرًا إِلَيْهَا تَبْشِيرًا لَهَا، لِيَكُونَ الثَّوَابُ بَعْدَ مُشَاهَدَةِ الْعَمَلِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مُحْضَرًا، بِفَتْحِ الضَّادِ، اسْمُ مَفْعُولٍ. وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: مُحْضِرًا بِكَسْرِ الضَّادِ، أَيْ مُحْضِرًا الْجَنَّةَ أَوْ مُحْضِرًا مُسْرِعًا بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَحْضَرَ الْفَرَسَ، إِذَا جَرَى وأسرع.
و: مَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ، يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، مَعْطُوفًا عَلَى: مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ، فَيَكُونُ الْمَفْعُولُ الثَّانِي إِنْ كَانَ: تَجِدُ، مُتَعَدِّيَةً إِلَيْهِمَا، أَوِ الْحَالُ إِنْ كَانَ يَتَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ مَحْذُوفًا، أَيْ: وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ مُحْضَرًا. وَذَلِكَ نَحْوَ: ظَنَنْتُ زَيْدًا قَائِمًا وَعَمْرًا، إِذَا أَرَدْتَ: وَعَمْرًا قَائِمًا، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: تَوَدُّ، مُسْتَأْنَفًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: تَوَدُّ، فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ: وَادَّةٌ تُبَاعِدُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي بَيْنَهُ عَائِدًا عَلَى مَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ، وَأَبْعَدَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي عَوْدِهِ عَلَى الْيَوْمِ، لِأَنَّ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ اللذين أحضر لَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ هُوَ: الْخَيْرُ الَّذِي عَمِلَهُ، وَلَا يُطْلَبُ تَبَاعُدُ وَقْتِ إِحْضَارِ الْخَيْرِ إِلَّا بِتَجَوُّزٍ إِذَا كَانَ يَشْتَمِلُ عَلَى إِحْضَارِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَتَوَدُّ تَبَاعُدُهُ لِتَسْلَمَ مِنَ الشَّرِّ، وَدَعْهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْخَيْرُ. وَالْأَوْلَى: عَوْدُهُ عَلَى: مَا عَمِلَتْ مِنَ السُّوءِ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: أَنَّ السُّوءَ يَتَمَنَّى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ التَّبَاعُدَ مِنْهُ، وَإِلَى عَطْفِ: مَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ، عَلَى: مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ، وَكَوْنِ، تَوَدُّ، فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ذَهَبَ إِلَيْهِ الطَّبَرِيُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute