للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بَعْضُهَا، وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ يَنْطَلِقُ عَلَى الْكُلِّ لَكِنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الِاسْمِ فِي الْأَنْبِيَاءِ هُوَ تَحْقِيقُ الصَّلَاحِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَفِي غَيْرِهِمْ مِنْ بَعْضِهَا، فَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ حَتَّى يَنْقَطِعَ احْتِمَالُ جَوَازِ النُّبُوَّةِ فِي مُطْلَقِ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَانَ تَقْيِيدُهُ بِاسْمِ الصَّلَاحِ مُفِيدًا.

وَقِيلَ: مِنَ الصَّالِحِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَيَكُونُ إِشَارَةً إِلَى الدَّوَامِ عَلَى الْإِيمَانِ، وَالْأَمْنِ مِنْ خَوْفِ الْخَاتِمَةِ.

قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ سُؤَالُهُ به: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً فَلَا شَكَّ فِي إِمْكَانِيَّةِ ذَلِكَ، وَجَوَازِهِ: وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا وَبَشَّرَتْهُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ، فَمَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ؟.

وَأُجِيبَ بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ سُؤَالٌ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ، وَالْمَعْنَى: أَيُولَدُ لِي عَلَى سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ وَكَوْنِ امْرَأَتِي عَاقِرًا؟ أَيْ بَلَغَتْ سَنَّ مَنْ لَا تَلِدُ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَامْرَأَتُهُ بَلَغَتْ ثَمَانِيًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ يَوْمَ بُشِّرَ ابْنَ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ سَنَةً.

أَمْ أُعَادُ أَنَا وَامْرَأَتِي إِلَى سِنِّ الشَّبِيبَةِ وَهَيْئَةِ مَنْ يُولَدُ لَهُ؟ فَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ يُولَدُ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ. قَالَ مَعْنَاهُ: الْحَسَنُ، وَالْأَصَمُّ.

الثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِالْوَلَدِ اسْتَعْلَمَ: أَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مِنْ صُلْبِهِ نَفْسِهِ أَمْ من بينه؟.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ كَانَ نَسِيَ السُّؤَالَ، وَكَانَ بَيْنَ السُّؤَالِ وَالتَّبْشِيرِ أَرْبَعُونَ سَنَةً. وَنُقِلَ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتُّونَ سَنَةً.

الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا الِاسْتِعْلَامَ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعْظَامِ لِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، يَحْدُثُ ذَلِكَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْآيَاتِ وَهُوَ يَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ، لِكَوْنِهِ كَالْمَدْهُوشِ عِنْدَ حُصُولِ مَا كان مستبعدا لَهُ عَادَةً.

الْخَامِسُ: إِنَّمَا سَأَلَ لِأَنَّهُ كَانَ عَاجِزًا عَنِ الْجِمَاعِ لِكِبَرِ سِنِّهِ، فَسَأَلَ رَبَّهُ: هَلْ يُقَوِّيهِ عَلَى الْجِمَاعِ وَامْرَأَتُهُ عَلَى الْقَبُولِ عَلَى حَالِ الْكِبَرِ؟

السَّادِسُ: سَأَلَ هَلْ يُرْزَقُ الْوَلَدُ مِنَ امْرَأَتِهِ الْعَاقِرِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا.

السَّابِعُ: أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِالْوَلَدِ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ لِيُكَدِّرَ عَلَيْهِ نِعْمَةَ رَبِّهِ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ تَدْرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>