للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمة. وأما خَالَةِ الْعَمَّةِ فَإِنْ كَانَتِ الْعَمَّةُ أُخْتَ أَبٍ لِأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ وَأُمٍّ، فَلَا تَحِلُّ خَالَةُ الْعَمَّةِ لِأَنَّهَا أُخْتُ الْجَدَّةِ. وَإِنْ كَانَتِ الْعَمَّةُ إِنَّمَا هِيَ أُخْتُ أَبٍ لِأَبٍ فَقَطْ، فَخَالَتُهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْ بَنِي أَخِيهَا تَحِلُّ لِلرِّجَالِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النِّسَاءِ. وَأَمَّا عَمَّةُ الْخَالَةِ فَإِنْ كَانَتِ الْخَالَةُ أُخْتَ أُمٍّ لِأَبٍ فَلَا تَحِلُّ عَمَّةُ الْخَالَةِ، لِأَنَّهَا أُخْتُ جَدٍّ. وَإِنْ كَانَتِ الْخَالَةُ أُخْتَ أُمٍّ لِأُمٍّ فَقَطْ فَعَمَّتُهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْ بَنِي أُخْتِهَا.

وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ تَحْرُمُ بَنَاتُهُمَا وَإِنْ سَفُلْنَ. وَأُفْرِدَ الْأَخُ وَالْأُخْتُ وَلَمْ يَأْتِ جَمْعًا، لِأَنَّهُ أُضِيفَ إِلَيْهِ الْجَمْعُ، فَكَانَ لَفْظُ الْإِفْرَادِ أَخَفَّ، وَأُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ الْمُنْتَظِمُ فِي الدَّلَالَةِ الْوَاحِدَةِ وَغَيْرُهُ. فَهَؤُلَاءِ سَبْعٌ مِنَ النَّسَبِ تَحْرِيمُهُنَّ مُؤَبَّدٌ. وَأَمَّا اللَّوَاتِي صِرْنَ مُحَرَّمَاتٍ بِسَبَبٍ طَارِئٍ فَذَكَرَهُنَّ فِي الْقُرْآنِ سَبْعًا وَهُنَّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَسَمَّى الْمُرْضِعَاتِ أُمَّهَاتٍ لِأَجْلِ الْحُرْمَةِ، كَمَا سَمَّى أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ. وَلَمَّا سَمَّى الْمُرْضِعَةَ أُمًّا وَالْمُرْضِعَةَ مَعَ الرَّاضِعِ أُخْتًا، نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى إِجْرَاءِ الرَّضَاعِ مَجْرَى النَّسَبِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَرُمَ بِسَبَبِ النَّسَبِ سَبْعٌ: اثْنَتَانِ هُمَا الْمُنْتَسِبَتَانِ بِطَرِيقِ الْوِلَادَةِ وَهُمَا: الْأُمُّ وَالْبِنْتُ. وَخَمْسٌ بِطَرِيقِ الْأُخُوَّةِ وَهُنَّ: الْأُخْتُ، وَالْعَمَّةُ، وَالْخَالَةُ، وَبِنْتُ الْأَخِ، وَبِنْتُ الْأُخْتِ. وَلَمَّا ذَكَرَ الرَّضَاعَ ذَكَرَ مِنْ كُلِّ قِسْمٍ مِنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ صُورَةً تَنْبِيهًا عَلَى الْبَاقِي، فَذَكَرَ مِنْ قِسْمِ قَرَابَةِ الْأَوْلَادِ الْأُمَّهَاتِ، وَمِنْ قِسْمِ قرابة الإخوة والأخوات، وَنَبَّهَ بِهَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ عَلَى أَنَّ الْحَالَ فِي بَابِ الرَّضَاعِ كَالْحَالِ فِي بَابِ النسب. ثم أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَّدَ هَذَا بِصَرِيحِ

قَوْلِهِ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»

فَصَارَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ مُطَابِقًا لِمَا أَشَارَتْ إِلَيْهِ الْآيَةُ. فَزَوْجُ الْمُرْضِعَةِ أَبُوهُ، وَأَبَوَاهُ جَدَّاهُ، وَأُخْتُهُ عَمَّتُهُ. وَكُلُّ وَلَدٍ وُلِدَ لَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ قَبْلَ الرَّضَاعِ وَبَعْدَهُ فَهُمْ إِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ لِأَبِيهِ، وَأُمُّ الْمُرْضِعَةِ جَدَّتُهُ، وَأُخْتُهَا خَالَتُهُ. وَكُلُّ مَنْ وُلِدَ لَهَا مِنْ هَذَا الزَّوْجِ فَهُمْ إِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. وَأَمَّا وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُمْ إِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ لِأُمِّهِ.

وَقَالُوا: تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ كَتَحْرِيمِ النَّسَبِ إِلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ ابْنِهِ مِنَ النَّسَبِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ ابْنِهِ مِنَ الرَّضَاعِ. لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي النَّسَبِ وَطْؤُهُ أُمَّهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الرَّضَاعِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أَخِيهِ مِنَ النَّسَبِ، وَيَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ. لِأَنَّ الْمَانِعَ فِي النَّسَبِ وَطْءُ الْأَبِ إِيَّاهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الرَّضَاعِ، وَظَاهِرُ الْكَلَامِ إِطْلَاقُ الرَّضَاعِ. وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ إِلَى سِنِّ الرَّاضِعِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>