للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرِيحَا قَالَهُ: السُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ، وَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: مَوْضِعُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

وَقِيلَ: إِيلِيَا. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ. قَرَأْتُ فِي مُنَاجَاةِ مُوسَى قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ اخْتَرْتَ فَذَكَرَ أشياء ثم قالت: رَبَّ إِيلِيَا بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مَنْصُورٍ اللُّغَوِيِّ قَالَ:

إِيلِيَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

وَبَيْتَانِ بَيْتُ اللَّهِ نَحْنُ نَزُورُهُ ... وَبَيْتٌ بِأَعْلَى إِيلِيَاءَ مُشَرَّفُ

وَقِيلَ: الطُّورُ، رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاخْتَارَهُ الزَّجَّاجُ. وَقِيلَ: فِلَسْطِينُ وَدِمَشْقُ وَبَعْضُ الْأُرْدُنِّ. قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الشَّامُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: صَعِدَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَبَلَ لُبْنَانٍ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: انْظُرْ فَمَا أَدْرَكَهُ بَصَرُكَ فَهُوَ مُقَدَّسٌ، وَهُوَ مِيرَاثٌ لِذُرِّيَّتِكَ. وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْفُرَاتِ وَعَرِيشِ مِصْرَ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: لَا يُخْتَلَفُ أَنَّهَا مَا بَيْنَ الْفُرَاتِ وَعَرِيشِ مِصْرَ قَالَ: وَقَالَ الْأُدْفُوِيُّ: أَجْمَعَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ وَالسِّيَرِ وَالْعُلَمَاءُ بِالْأَخْبَارِ أَنَّهَا مَا بَيْنَ الْفُرَاتِ وَعَرِيشِ مِصْرَ.

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: تَظَاهَرَتِ الرِّوَايَاتُ أَنَّ دِمَشْقَ هِيَ قَاعِدَةُ الْجَبَّارِينَ انْتَهَى.

وَالتَّقْدِيسُ: التَّطْهِيرُ قِيلَ: مِنَ الْآفَاتِ. وَقِيلَ: مِنَ الشِّرْكِ، جُعِلَتْ مَسْكَنًا وَقَرَارًا لِلْأَنْبِيَاءِ، وَغَلَبَةُ الْجَبَّارِينَ عَلَيْهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ مُقَدَّسَةً. وَقِيلَ: الْمُقَدَّسَةُ الْمُبَارَكَةُ طُهِّرَتْ مِنَ الْقَحْطِ وَالْجُوعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقِيلَ: سُمِّيتْ مُقَدَّسَةً لِأَنَّ فِيهَا الْمَكَانَ الَّذِي يُتَقَدَّسُ فِيهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَمِنْهُ قِيلَ: لِلسَّطْلِ قدس لأنه يتوضأ وَيُتَطَهَّرُ. وَمَعْنَى كَتَبَهَا اللَّهُ لَكُمْ: قَسَمَهَا، وَسَمَّاهَا، أَوْ خَطَّ فِي اللَّوْحِ أَنَّهَا لَكُمْ مَسْكَنٌ وَقَرَارٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَهَبَهَا لَكُمْ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَمَرَكُمْ بِدُخُولِهَا، وَفِي ذَلِكَ تَنْشِيطٌ لَهُمْ وتقوية إذ أخبرهم بِأَنَّ اللَّهَ كَتَبَهَا لَهُمْ. وَالظَّاهِرُ اسْتِعْمَالُ كَتَبَ فِي الْفَرْضِ كَقَوْلِهِ: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ «١» وكُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ «٢» وَأَمَّا إِنْ كَانَ كَتَبَهَا بِمَعْنَى خَطَّ فِي الْأَزَلِ، وَقَضَى، فَلَا يَحْتَاجُ ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ. فَقِيلَ: اللَّفْظُ عَامٌّ. وَالْمُرَادُ الْخُصُوصُ كَأَنَّهُ قَالَ: مَكْتُوبَةٌ لِبَعْضِهِمْ وَحَرَامٌ عَلَى بَعْضِهِمْ، أَوْ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِقَيْدِ امْتِثَالِ الْقِتَالِ، فَلَمْ يَمْتَثِلُوا، فَلَمْ يَقَعِ الْمَشْرُوطُ أَوِ التَّحْرِيمُ، مُقَيَّدٌ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَلَمَّا انْقَضَتْ جَعَلَ مَا كَتَبَ. وَأَمَّا إِنْ كَانَ كَتَبَهَا لَهُمْ بِمَعْنَى أَمَرَكُمْ بِدُخُولِهَا، فَلَا يُعَارِضُ التَّحْرِيمَ. حَرَّمَ عَلَيْهِمْ دُخُولَهَا وَمَاتُوا فِي التِّيهِ، وَدَخَلَ مَعَ مُوسَى أَبْنَاؤُهُمُ الَّذِينَ لَمْ تُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: إِنَّ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ماتا في


(١) سورة البقرة: ٢/ ١٨٣.
(٢) سورة البقرة: ٢/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>