للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ تَفْسِيرِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً مُخَفَّفَةً مِنْ أَنَّ الثَّقِيلَةِ وَإِذَا وَلِيَ الْمُخَفَّفَةَ فِعْلٌ مُتَصَرِّفٌ غَيْرُ دُعَاءٍ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِقَدْ فِي الْأَجْوَدِ كَقَوْلِهِ: أَنْ قَدْ وَجَدْنا.

فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ أَيْ فَأَعْلَمَ مُعْلِمٌ، قِيلَ: هُوَ إِسْرَافِيلُ صَاحِبُ الصُّورِ، وَقِيلَ:

جِبْرِيلُ يُسْمِعُ الْفَرِيقَيْنِ تَفْرِيحًا وَتَبْرِيحًا، وَقِيلَ: مَلَكٌ غَيْرُهُ مُعَيَّنٌ وَدَخَلَ طَاوُسٌ عَلَى هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ: احْذَرْ يَوْمَ الْأَذَانِ فَقَالَ: وَمَا يَوْمُ الْأَذَانِ قَالَ: يَوْمَ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ الْآيَةَ فَصَعِقَ هِشَامٌ فَقَالَ طَاوُسٌ هَذَا ذُلُّ الصِّفَةِ فَكَيْفَ ذُلُّ الْمُعَايَنَةِ وَبَيْنَهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لأذّن وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمُؤَذِّنٍ فَالْعَامِلُ فِيهِ مَحْذُوفٌ، وَقَرَأَ الْأَخَوَانِ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْبَزِّيُّ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ بِتَثْقِيلِ أَنَّ وَنَصْبِ لَعْنَةَ وَعِصْمَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ إِنَّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالتَّثْقِيلِ وَنَصْبِ لَعْنَةَ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ أَوْ إِجْرَاءِ أَذَّنَ مَجْرَى قَالَ، وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ إِنْ يفتح الْهَمْزَةِ خَفِيفَةَ النُّونِ وَرَفْعِ لَعْنَةُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَأَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ أَوْ مفسرة ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِهِ وَهَذَا الْوَصْفُ بِالْمَوْصُولِ هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْلِهِمُ السَّابِقِ وَالْمَعْنَى الَّذِينَ كَانُوا يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ وَقْتَ الْأَذَانِ لَمْ يَكُونُوا مُتَّصِفِينَ بِهَذَا الْوَصْفِ، وَالْمَعْنِيُّ بِالظُّلْمِ الْكُفَّارُ وَيَدْفَعُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عَامٌّ فِي الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ قَوْلُهُ أَخِيرًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ كَافِرًا بِالْآخِرَةِ بَلْ مُؤْمِنٌ مُصَدِّقٌ بِهَا.

وَبَيْنَهُما حِجابٌ أَيْ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ لِأَنَّهُمُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقِيلَ: بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَبِهَذَا بَدَأَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَفُسِّرَ الْحِجَابُ بِأَنَّهُ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَيُقَوِّي أَنَّهُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ لَفْظُ بَيْنَهُمْ إِذْ هُوَ ضَمِيرُ الْعُقَلَاءِ وَلَا يَحِيلُ ضَرْبُ السُّورِ بَعْدُ مَا بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ فِي السَّمَاءِ وَالنَّارُ أَسْفَلُ السَّافِلِينَ.

وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ أَيْ وَعَلَى أَعْرَافِ الْحِجَابِ وَهُوَ السُّورُ الْمَضْرُوبُ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا مِنْ فَرِيقَيِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ بِعَلَامَتِهِمُ الَّتِي مَيَّزَهُمُ اللَّهُ بِهَا مِنِ ابْيِضَاضِ وُجُوهٍ وَاسْوِدَادِ وُجُوهٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَلَامَاتِ أَوْ بِعَلَامَتِهِمُ الَّتِي يُلْهِمُهُمُ اللَّهُ مَعْرِفَتَهَا والْأَعْرافِ تَلٌّ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حِجَابٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ،

وَقِيلَ: هُوَ أُحُدٌ مُمَثَّلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ رُوِيَ هَذَا فِي حَدِيثٍ

وَفِي آخَرَ «إِنَّ أُحُدًا عَلَى رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْجَنَّةِ»

، وَقِيلَ: أَعَالِي السُّورِ الَّذِي ضُرِبَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَالرِّجَالُ قَوْمٌ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ وَقَفُوا هُنَالِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ، لَمْ تَبْلُغْ حَسَنَاتُهُمْ بِهِمْ دُخُولَ الْجَنَّةِ وَلَا سَيِّئَاتُهُمْ دُخُولَ النَّارِ،

وَرُوِيَ فِي مُسْنَدِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>