للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَوِيلٍ. وَقِيلَ: الْمَبْعُوثُ عَلَيْهِمُ الْإِسْكَنْدَرُ وَبَيْنَ الْإِسْكَنْدَرِ وَعِيسَى نَحْوُ ثَلَاثمِائَةِ سَنَةٍ، وَلَكِنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِالْمَرَّةِ الْأُخْرَى حين قتلوا شعياء فكان بخت نصر إِذْ ذَاكَ حَيًّا فَهُوَ الَّذِي قَتَلَهُمْ وَخَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَاتَّبَعَهُمْ إِلَى مِصْرَ وَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير أَنَّ الَّذِي غَزَاهُمْ آخِرًا مَلِكٌ اسْمُهُ خَرْدُوسُ وَتَوَلَّى قَتْلَهُمْ عَلَى دَمِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ قَائِدٌ لَهُ فَسَكَنَ الدَّمُ. وَقِيلَ قَتَلَهُ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ بَنِي إسرائيل يقال له لا حب. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: كَانَ يَحْيَى قَدْ أُعْطِيَ حُسْنًا وَجَمَالًا فَرَاوَدَتْهُ امْرَأَةُ الْمَلِكِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَبَى، فَقَالَتْ لِابْنَتِهَا: سَلِي أَبَاكِ رَأْسَ يَحْيَى فَأَعْطَاهَا مَا سألت.

وقرأ الجمهور لِيَسُوؤُا بِلَامِ كَيْ وَيَاءِ الْغَيْبَةِ وَضَمِيرِ الْجَمْعِ الْغَائِبِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَبْعُوثِينَ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ لِيَسُوءَ بِالْيَاءِ وَهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ عَلَى الْإِفْرَادِ وَالْفَاعِلُ الْمُضْمَرُ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ عَلَى الْوَعْدِ أَوْ عَلَى الْبَعْثِ الدَّالِّ عَلَيْهِ جُمْلَةُ الْجَزَاءِ الْمَحْذُوفَةِ.

وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْكِسَائِيُّ لِنَسُوءَ بِالنُّونِ

الَّتِي لِلْعَظَمَةِ وَفِيهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ لِنَسُوءُنَّ بِلَامِ الْأَمْرِ وَالنُّونِ الَّتِي لِلْعَظَمَةِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ آخِرًا.

وَعَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا لَنَسُوءُنَّ وَلَيَسُوءُنَّ بِالنُّونِ وَالْيَاءِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ الشَّدِيدَةِ وَهِيَ لَامُ الْقَسَمِ

، وَدَخَلَتْ لَامُ الْأَمْرِ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ كَقَوْلِهِ: وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ «١» وَجَوَابُ إِذَا هُوَ الْجُمْلَةُ الْأَمْرِيَّةُ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَاءِ. وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ لِيُسِيءَ بِيَاءٍ مَضْمُومَةٍ بِغَيْرِ وَاوٍ. وَفِي مُصْحَفِ أَنَسٍ لِيَسُوءَ وَجْهَكُمْ عَلَى الْإِفْرَادِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْوُجُوهِ الْحَقِيقَةُ لِأَنَّ آثَارَ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ فِي الْقَلْبِ تَظْهَرُ عَلَى الْوَجْهِ، فَفِي الْفَرَحِ يَظْهَرُ الْإِسْفَارُ وَالْإِشْرَاقُ، وَفِي الْحُزْنِ يَظْهَرُ الْكُلُوحُ وَالْغَبَرَةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنِ الْجُمْلَةِ بِالْوَجْهِ فَإِنَّهُمْ سَاءُوهُمْ بِالْقَتْلِ وَالنَّهْبِ وَالسَّبْيِ فَحَصَلَتِ الْإِسَاءَةُ لِلذَّوَاتِ كُلِّهَا أَوْ عَنْ سَادَاتِهِمْ وَكُبَرَائِهِمْ بِالْوُجُوهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْخِطَابِ يَا وَجْهَ الْعَرَبِ.

وَاللَّامُ فِي وَلِيَدْخُلُوا لَامُ كَيْ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنَ لَامَ كَيْ، وَمَنْ قَرَأَ بِلَامِ الْأَمْرِ أَوْ بِلَامِ الْقَسَمِ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَلِيَدْخُلُوا وَمَا بَعْدَهَا أَمْرًا، وَجَازَ أَنْ تَكُونَ لَامُ كَيْ أَيْ وَبَعَثْنَاهُمْ لِيَدْخُلُوا. والْمَسْجِدَ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمَعْنَى كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ بِالسَّيْفِ وَالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْإِذْلَالِ، وَهَذَا يَبْعُدُ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ أُولَى الْمَرَّتَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قَتْلٌ وَلَا قِتَالٌ وَلَا نَهْبٌ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ. وَلِيُتَبِّرُوا يُهْلِكُوا. وَقَالَ قُطْرُبٌ:

يهدموا. قال الشاعر:


(١) سورة العنكبوت: ٢٩/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>