للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِغْنَاءً عَنْهُ، فَتَقُولُ: دَعَوْتُ زَيْدًا انْتَهَى. وَدَعَوْتُ هَذِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ ثَانِيهِمَا بِحَرْفِ جَرٍّ، تَقُولُ: دَعَوْتُ وَالِدِي بِزَيْدٍ ثُمَّ تَتَّسِعُ فَتَحْذِفُ الْبَاءَ. وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي دَعَا هَذِهِ:

دَعَتْنِي أَخَاهَا أُمُّ عَمْرٍو وَلَمْ أَكُنْ ... أخاها ولم أرضع لها بِلِبَانِ

وَهِيَ أَفْعَالٌ تَتَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ بِنَفْسِهَا وَإِلَى الْآخَرِ بِحَرْفِ الْجَرِّ، يُحْفَظُ وَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى السَّمَاعِ وَعَلَى مَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ يَكُونُ الثَّانِي لِقَوْلِهِ ادْعُوا لَفْظَ الْجَلَالَةِ، وَلَفْظَ الرَّحْمنَ وَهُوَ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ الْبَاءُ ثُمَّ حُذِفَ وَكَأَنَّ التَّقْدِيرَ ادْعُوا مَعْبُودَكُمْ بِاللَّهِ أَوِ ادْعُوهُ بِالرَّحْمَنِ وَلِهَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْمُرَادُ بِهِمَا اسْمُ الْمُسَمَّى وَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ، فَمَعْنَى ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ سَمُّوا بِهَذَا الِاسْمِ أَوْ بِهَذَا، وَاذْكُرُوا إِمَّا هَذَا وَإِمَّا هَذَا انْتَهَى.

وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ هُمَا اسْمَانِ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ، فَإِنْ دَعَوْتُمُوهُ بِاللَّهِ فَهُوَ ذَاكَ، وَإِنْ دَعَوْتُمُوهُ بِالرَّحْمَنِ فَهُوَ ذَاكَ وَأَيُّ هُنَا شَرْطِيَّةٌ. وَالتَّنْوِينُ قِيلَ عوض من المضاف وما زَائِدَةٌ مُؤَكِّدَةٌ.

وَقِيلَ: مَا شَرْطٌ وَدَخَلَ شَرْطٌ عَلَى شَرْطٍ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ. أَيًّا مِنْ تَدْعُوا فَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ مِنْ زَائِدَةً عَلَى مَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ إِذْ قَدِ ادَّعَى زِيَادَتَهَا فِي قَوْلِهِ:

يَا شَاةُ مِنْ قَنْصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لَهُ واحتمل أن يكون جمع بَيْنَ أَدَاتَيْ شَرْطٍ عَلَى وَجْهِ الشُّذُوذِ كَمَا جَمَعَ بَيْنَ حَرْفَيْ جَرٍّ نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

فَأَصْبَحْنَ لَا يَسْأَلْنَنِي عَنْ بِمَا بِهِ وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ. وَالضَّمِيرُ فِي فَلَهُ عَائِدٌ عَلَى مُسَمَّى الِاسْمَيْنِ وَهُوَ وَاحِدٌ، أَيْ فَلِمُسَمَّاهُمَا الْأَسْماءُ الْحُسْنى، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فِي الْأَعْرَافِ.

وَقَوْلُهُ: فَلَهُ هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ. قِيلَ: وَمَنْ وَقَفَ عَلَى أَيًّا جَعَلَ مَعْنَاهُ أَيَّ اللَّفْظَيْنِ دَعَوْتُمُوهُ بِهِ جَازَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ مَا تَدْعُوهُ فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَا لَا تُطْلَقُ عَلَى آحَادِ أُولِي الْعِلْمِ، وَلِأَنَّ الشَّرْطَ يَقْتَضِي عُمُومًا وَلَا يَصِحُّ هُنَا، وَالصَّلَاةُ هُنَا الدُّعَاءُ قَالَهُ ابْنُ عباس وعائشة وَجَمَاعَةٌ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: هِيَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِقِرَاءَةِ الصَّلَاةِ، وَلَا يُلْبِسُ تَقْدِيرُ هَذَا الْمُضَافِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْجَهْرَ وَالْمُخَافَتَةَ مُعْتَقِبَانِ عَلَى الصَّوْتِ لَا غَيْرُ، وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ وَأَذْكَارٌ

وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>