للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَصْرِيِّينَ وَإِنَّمَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، أَمَّا إِذَا أَمْكَنَ إِجْرَاءُ اللَّفْظِ عَلَى مَدْلُولِهِ الْوَضْعِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَوْلَى. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: وَلا تَعْدُ مِنْ أَعْدَى، وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ عِيسَى وَالْأَعْمَشِ وَلا تَعْدُ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: نَقْلًا بِالْهَمْزَةِ وَبِنَقْلِ الْحَشْوِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

فَعُدْ عَمَّا تَرَى إِذْ لَا ارْتِجَاعَ لَهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَعُدْ هَمَّكَ عَمَّا تَرَى انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ. قَالَ: وَهَذَا مِمَّا عَدَّيْتُهُ بِالتَّضْعِيفِ كَمَا كَانَ فِي الْأُولَى بِالْهَمْزِ، وَمَا ذَهَبَا إِلَيْهِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلِ الْهَمْزَةُ وَالتَّكْثِيرُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَيْسَا لِلتَّعْدِيَةِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِمُوافَقَةِ أَفْعَلَ وَفُعِلَ لِلْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مُجَرَّدًا مُتَعَدٍّ وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: يُقَالُ عَدَاهُ إِذَا جَاوَزَهُ، ثُمَّ قَالَ:

وَإِنَّمَا عُدِّيَ بِعْنَ لِلتَّضْمِينِ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي التَّضْمِينِ هُوَ مَجَازٌ وَلَا يَتَّسِعُونَ فِيهِ إِذَا ضَمَّنُوهُ فَيُعَدُّونَهُ بِالْهَمْزَةِ أَوِ التَّضْعِيفِ، وَلَوْ عُدِّيَ بِهِمَا وَهُوَ مُتَعَدٍّ لَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ نَاصِبٌ مَفْعُولًا وَاحِدًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مُعَدًّى بِهِمَا.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ الْحَالِ: إِنْ قُدِّرَ عَيْناكَ فَكَانَ يَكُونُ التَّرْكِيبُ تُرِيدَانِ، وَإِنْ قُدِّرَ الْكَافُ فَمَجِيءُ الْحَالِ مِنَ الْمَجْرُورِ بِالْإِضَافَةِ مِثْلُ هَذَا فِيهَا إِشْكَالٌ لِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْحَالِ وَذِي الْحَالِ، وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانَ الْمُضَافُ جُزْءًا أَوْ كَالْجُزْءِ، وَحَسَّنَ ذَلِكَ هُنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ نَهْيُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنِ الْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ وَالْمَيْلِ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا جِيءَ بِقَوْلِهِ عَيْناكَ وَالْمَقْصُودُ هُوَ لِأَنَّهُمَا بِهِمَا تَكُونُ الْمُرَاعَاةُ لِلشَّخْصِ وَالتَّلَفُّتُ لَهُ، وَالْمَعْنَى وَلا تَعْدُ أَنْتَ عَنْهُمْ النَّظَرَ إِلَى غَيْرِهِمْ.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ مَنْ جَعَلْنَا قَلْبَهُ غَافِلًا عَنِ الذِّكْرِ بِالْخِذْلَانِ أَوْ وَجَدْنَاهُ غَافِلًا عَنْهُ كَقَوْلِكَ: أَجْبَنْتُهُ وَأَفْحَمْتُهُ وَأَبْخَلْتُهُ إِذَا وَجَدْتُهُ كَذَلِكَ، أَوْ مِنْ أَغْفَلَ إِبِلَهُ إِذَا تَرَكَهَا بِغَيْرِ سِمَةٍ أَيْ لَمْ نَسِمْهُ بِالذِّكْرِ، وَلَمْ نَجْعَلْهُمْ مِنَ الَّذِينَ كَتَبْنَا فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ، وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ تَوَهُّمَ الْمُجْبِرَةِ بِقَوْلِهِ وَاتَّبَعَ هَواهُ انْتَهَى. وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالتَّأْوِيلُ الْآخَرُ تَأْوِيلُ الرُّمَّانِيِّ وَكَانَ مُعْتَزِلِيًّا قَالَ: لَمْ نَسِمْهُ بِمَا نَسِمُ بِهِ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يُبَيَّنُ بِهِ، فَلَاحُهُمْ كَمَا قَالَ: كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ مِنْ قَوْلِهِمْ بِعِيرٌ غُفْلٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سِمَةٌ، وَكِتَابٌ غُفْلٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِعْجَامٌ، وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَيَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْفَلَهُ حَقِيقَةً وَهُوَ خَالِقُ الضَّلَالِ فِيهِ وَالْغَفْلَةِ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: أَخْلَيْنَاهُ عَنِ الذِّكْرِ وَهُوَ الْقُرْآنُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>