للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْرًا خَوَّفْتُ زَيْدًا عَمْرًا، فَتَرِدُ بِالنَّقْلِ مَا كَانَ فَاعِلًا مَفْعُولًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَسِعَ بِمَعْنَى خَلْقِ الْأَشْيَاءِ وَكَثْرِهَا بِالِاخْتِرَاعِ فَوَسِعَهَا مَوْجُودَاتٍ انْتَهَى.

كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً. خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا. يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً. وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً. فَيَذَرُها قَاعًا صَفْصَفاً لَا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً.

ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى نَبَأِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ وَفِرْعَوْنَ أَيْ كَقَصِّنَا هَذَا النَّبَأَ الْغَرِيبَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَهَذَا فِيهِ ذِكْرُ نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَهِيَ الْإِعْلَامُ بِأَخْبَارِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ لِيَتَسَلَّى بِذَلِكَ وَيَعْلَمَ أَنَّ مَا صَدَرَ مِنَ الْأُمَمِ لِرُسُلِهِمْ وَمَا قَاسَتِ الرُّسُلُ مِنْهُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذِّكْرَ هُنَا الْقُرْآنُ امْتَنَّ تَعَالَى عَلَيْهِ بِإِيتَائِهِ الذِّكْرَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْقِصَصِ وَالْأَخْبَارِ الدَّالِّ ذَلِكَ عَلَى مُعْجِزَاتٍ أُوتِيَهَا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: ذِكْراً بَيَانًا. وَقَالَ أَبُو سَهْلٍ: شَرَفًا وَذِكْرًا فِي النَّاسِ.

مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ أَيْ عَنِ الْقُرْآنِ بِكَوْنِهِ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ وَلَمْ يَتَّبِعْ مَا فِيهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يَحْمِلُ مُضَارِعُ حَمَلَ مُخَفَّفًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ دَاوُدُ بْنُ رُفَيْعٍ: يُحَمَّلُ مُشَدَّدُ الْمِيمِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّهُ يُكَلَّفُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَحْمِلُهُ طوعا ووِزْراً مفعول ثان ووِزْراً ثِقَلًا بَاهِظًا يُؤَدِّهِ حَمْلُهُ وَهُوَ ثِقَلُ الْعَذَابِ. وَقَالَ مُجَاهِد: إِثْمًا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ شِرْكًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنِ الْعُقُوبَةِ بِالْوِزْرِ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا وَلِذَلِكَ قَالَ خالِدِينَ فِيهِ أَيْ فِي الْعَذَابِ وَالْعُقُوبَةِ وَجَمَعَ خَالِدِينَ، وَالضَّمِيرَ فِي لَهُمْ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى مَنْ بَعْدَ الْحَمْلِ عَلَى لَفْظِهَا فِي أَعْرَضَ وَفِي فَإِنَّهُ يَحْمِلُ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ أَيْ وِزْرَهُمْ ولَهُمْ لِلْبَيَانِ كَهِيَ فِي هَيْتَ لَكَ «١» لَا مُتَعَلِّقَةٌ بِسَاءٍ وَساءَ هُنَا هِيَ الَّتِي جَرَتْ مَجْرَى بِئْسَ لَا سَاءَ الَّتِي بِمَعْنَى أَحْزَنَ وأهم لفساد المعنى.


(١) سورة يوسف: ١٢/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>