للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَ اللَّهَ نَرْجُو الْفَضْلَ وَأَكْثَرَ مَا يَكُونُ فِي الْمُتَكَلِّمِ، وَقَوْلُهُ:

نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقْ ... نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقْ

وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ يَشْمَلُهُنَّ وَآبَاءَهُنَّ، غَلَبَ الْمُذَكَّرُ عَلَى الْمُؤَنَّثِ فِي الْخِطَابِ فِي:

عَنْكُمُ، وَيُطَهِّرَكُمْ. وَقَوْلُ عِكْرِمَةَ، وَمُقَاتِلٌ، وَابْنُ السَّائِبِ: أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُخْتَصٌّ بِزَوْجَاتِهِ عليه لَيْسَ بِجَيِّدٍ، إِذْ لَوْ كَانَ كَمَا قَالُوا، لَكَانَ التَّرْكِيبُ: عَنْكُنَّ وَيُطَهِّرُكُنَّ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مَرْوِيًّا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُ.

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: هُوَ خَاصٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَن وَالْحُسَيْنِ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَنَسٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُمْ أَهْلُهُ وَأَزْوَاجُهُ.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَالثَّعْلَبِيُّ: بَنُو هَاشِمٍ الَّذِينَ يُحْرَمُونَ الصَّدَقَةَ آلُ عَبَّاسٍ، وَآلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُمْ زَوْجَاتُهُ وَأَهْلُهُ، فَلَا تَخْرُجُ الزَّوْجَاتُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، بَلْ يَظْهَرُ أَنَّهُنَّ أَحَقُّ بِهَذَا الِاسْمِ لِمُلَازَمَتِهِنَّ بَيْتَهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ زَوْجَاتِهِ لَا يَخْرُجْنَ عَنْ ذَلِكَ الْبَتَّةَ، فَأَهْلُ الْبَيْتِ: زَوْجَاتُهُ وَبِنْتُهُ وَبَنُوهَا وَزَوْجُهَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِسَاءَ النبي مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ لَهُنَّ أَنَّ بُيُوتَهُنَّ مَهَابِطُ الْوَحْيِ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ لَا يَنْسَيْنَ مَا يُتْلَى فِيهَا مِنَ الْكِتَابِ الْجَامِعِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: وَهُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ النُّبُوَّةِ، لِأَنَّهُ مُعْجِزٌ بِنَظْمِهِ، وَهُوَ حِكْمَةٌ وَعُلُومٌ وَشَرَائِعُ. إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً، حِينَ عَلِمَ مَا يَنْفَعُكُمْ وَيُصْلِحُكُمْ فِي دِينِكُمْ فَأَنْزَلَهُ عَلَيْكُمْ، أَوْ عَلِمَ مَنْ يَصْلُحُ لِنُبُوَّتِهِ وَمَنْ يَصْلُحُ لِأَنْ تَكُونُوا أَهْلَ بَيْتِهِ، أَوْ حَيْثُ جُعِلَ الْكَلَامُ جَامِعًا بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ. انْتَهَى. وَاتِّصَالُ وَاذْكُرْنَ بِمَا قَبْلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُنَّ مِنَ الْبَيْتِ، وَمَنْ لَمْ يُدْخِلْهُنَّ قَالَ: هِيَ ابْتِدَاءُ مُخَاطَبَةٍ.

وَاذْكُرْنَ، إِمَّا بِمَعْنَى احْفَظْنَ وَتَذَكَّرْنَهُ، وَإِمَّا اذْكُرْنَهُ لِغَيْرِكُنَّ وَارْوِينَهُ حَتَّى يُنْقَلَ. ومِنْ آياتِ اللَّهِ: هُوَ الْقُرْآنُ، وَالْحِكْمَةِ: هِيَ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، غَيْرَ الْقُرْآنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِلْآيَاتِ. وَفِي قَوْلِهِ: لَطِيفاً، تَلْيِينٌ، وَفِي خَبِيراً، تَحْذِيرٌ مَا. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: مَا تُتْلَى بِتَاءِ التَّأْنِيثِ، وَالْجُمْهُورُ: بِالْيَاءِ.

وَرُوِيَ أَنَّ نِسَاءَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرَ اللَّهُ الرِّجَالَ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَذْكُرْنَا وَقِيلَ: السَّائِلَةُ أُمُّ سَلَمَةَ. وَقِيلَ: لَمَّا نَزَلَ فِي نِسَائِهِ مَا نَزَلَ، قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ: فَمَا نَزَلَ فِينَا شَيْءٌ، فَنَزَلَتْ

: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ الْآيَةَ، وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ الْعَشَرَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>