وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ أَيْضًا: الْمَلَكُ الشَّهِيدُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا:
هُوَ كَاتِبُ سَيِّئَاتِهِ، وَمَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِالظَّرْفِ وبعتيد وَمَوْصُولَةٌ، وَالظَّرْفُ صِلَتُهَا. وَعَتِيدٌ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: بَدَلٌ أَوْ خير بَعْدَ خَبَرٍ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. انْتَهَى. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَتِيدٌ بِالرَّفْعِ وَعَبْدُ اللَّهِ: بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ، وَالْأَوْلَى إِذْ ذَاكَ أَنْ تَكُونَ مَا مَوْصُولَةً.
أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ: الْخِطَابُ مِنَ اللَّهِ لِلْمَلَكَيْنِ: السَّائِقِ وَالشَّهِيدِ. وَقِيلَ: لِلْمَلَكَيْنِ مِنْ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ، فَعَلَى هَذَا الْأَلِفُ ضَمِيرُ الِاثْنَيْنِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَجَمَاعَةٌ: هُوَ قَوْلٌ إِمَّا لِلسَّائِقِ، وَإِمَّا لِلَّذِي هُوَ مِنَ الزَّبَانِيَةِ، وَعَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْوَاحِدِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ مَعْنَاهُ: أَلْقِ أَلْقِ، فَثَنَّى. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مِنْ خِطَابِ الْوَاحِدِ بِخِطَابِ الِاثْنَيْنِ. وَقِيلَ: الْأَلِفُ بَدَلٌ مِنَ النُّونِ الْخَفِيفَةِ، أَجْرَى الْوَصْلَ مُجْرَى الْوَقْفِ، وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مَرْغُوبٌ عَنْهَا، وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى الْخُرُوجِ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ لِقَوْلِ مُجَاهِدٍ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: أَلْقَيْنَ بِنُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ، وَهِيَ شَاذَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِنَقْلِ التَّوَاتُرِ بِالْأَلِفِ. كُلَّ كَفَّارٍ: أَيْ يَكْفُرُ النعمة والمنعم عَنِيدٍ، قَالَ قَتَادَةُ: مُنْحَرِفٌ عَنِ الطَّاعَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: جَاحِدٌ مُتَمَرِّدٌ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْمَسَاقُ مِنَ الْعِنْدِ، وَهُوَ عَظْمٌ يَعْرِضُ فِي الْحَلْقِ. وَقَالَ ابْنُ بَحْرٍ: الْمُعْجَبُ بِمَا فِيهِ.
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ، قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: يَعْنِي الزَّكَاةَ. وَقِيلَ: بَخِيلٌ. وَقِيلَ:
مَانِعٌ بَنِي أَخِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ، كَالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، كَانَ يَقُولُ لَهُمْ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ فِيهِ لَمْ أَنْفَعْهُ بِشَيْءٍ مَا عِشْتَ، وَالْأَحْسَنُ عُمُومُ الْخَيْرِ فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ. مُرِيبٍ، قَالَ الْحَسَنُ:
شَاكٍّ فِي اللَّهِ أَوْ فِي الْبَعْثِ. وَقِيلَ: مُتَّهِمٍ الَّذِي جَوَّزُوا فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بَدَلًا مِنْ كُلِّ كَفَّارٍ، وَأَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا بَدَلًا مِنَ كَفَّارٍ، وَأَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بِالِابْتِدَاءِ مُضَمَّنًا مَعْنَى الشَّرْطِ، وَلِذَلِكَ دَخَلَتِ الْفَاءُ فِي خَبَرِهِ، وَهُوَ فَأَلْقِيَاهُ. وَالظَّاهِرُ تَعَلُّقُهُ بِمَا قَبْلَهُ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ، وَيَكُونُ فَأَلْقِيَاهُ تَوْكِيدًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً مِنْ حَيْثُ يَخْتَصُّ كَفَّارٍ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، فَجَازَ وَصْفُهُ بِهَذِهِ الْمَعْرِفَةِ. انْتَهَى. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لَوْ وُصِفَتِ النَّكِرَةُ بِأَوْصَافٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُوصَفَ بِالْمَعْرِفَةِ.
قالَ قَرِينُهُ: لَمْ تَأْتِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بِالْوَاوِ، بِخِلَافٍ وَقالَ قَرِينُهُ قَبْلَهُ، لِأَنَّ هَذِهِ اسْتُؤْنِفَتْ كَمَا اسْتُؤْنِفَتِ الْجُمَلُ فِي حِكَايَةِ التَّقَاوُلِ فِي مُقَاوَلَةِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ، فَجَرَتْ مُقَاوَلَةٌ بَيْنَ الْكَافِرِ وَقَرِينِهِ، فَكَأَنَّ الْكَافِرَ قَالَ رَبِّي هُوَ أَطْغَانِي، قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا مَا أَطْغَيْتُهُ. وأما وَقالَ قَرِينُهُ فقطف لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَعْنَاهَا وَمَعْنَى مَا قَبْلَهَا فِي الْحُصُولِ، أَعْنِي مَجِيءَ كُلِّ نَفْسٍ مَعَ الْمَلَكَيْنِ. وَقَوْلُ قَرِينِهِ: مَا قَالَ لَهُ، وَمَعْنَى مَا أَطْغَيْتُهُ: تَنْزِيهٌ لِنَفْسِهِ مِنْ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute