وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجْزِيهِ ذَلِكَ حَتَّى يُعْطِيَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ، بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم.
وأما الْمَحِلُّ
فَقَالَ عَلِيٌّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعَطَاءٌ فِي بَعْضِ مَا رُوِيَ عَنْهُ، وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا ابْنَ الْجَهْمِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: حَيْثُ شَاءَ
. وَقَالَ الحسن، وطاووس، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ أَيْضًا، وَالشَّافِعِيُّ: الْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ، وَأُمًّا النُّسُكُ فَشَاةٌ. قَالُوا بِالْإِجْمَاعِ وَمَنْ ذَبَحَ أَفْضَلَ مِنْهَا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَأَمَّا مَحِلُّهَا فَحَيْثُ شَاءَ، قَالَهُ عَلِيٌّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ إِلَّا ابْنَ الْجَهْمِ، فَقَالَ: النُّسُكُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَكَّةَ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ فِي بَعْضِ مَا رُوِيَ عَنْهُ، وَالْحَسَنُ، وطاووس، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَظَاهِرُ الْفِدْيَةِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْحَلْقِ، إِذِ التَّقْدِيرُ: فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَجْزِيهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْفِدْيَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ إِنْ أَرَادَ الْحَلْقَ.
وَظَاهِرُ الشَّرْطِ أَنَّ الْفِدْيَةَ لَا تَتَعَلَّقُ إِلَّا بِمَنْ بِهِ مَرَضٌ أَوْ أَذًى فيحلق، فَلَوْ حَلَقَ، أَوْ جَزَّ، أَوْ أَزَالَ بِنُورَةٍ شَعَرَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ لَبِسَ الْمَخِيطَ، أَوْ تَطَيَّبَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عَالِمًا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا، وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا يُخَيَّرُ فِي غَيْرِ الضَّرُورَةِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ لَا غَيْرُ وَقَالَ مَالِكٌ: يُخَيَّرُ، وَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ بِضَرُورَةٍ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ عِنْدَهُ.
فَلَوْ فَعَلَهُ نَاسِيًا، فَقَالَ إِسْحَاقُ، وَدَاوُدُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ: النَّاسِي كَالْعَامِدِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ الْقَوْلَانِ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُوجِبُونَ الْفِدْيَةَ بِلُبْسِ الْمَخِيطِ وَتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، أَوْ بَعْضِهِ وَلُبْسِ الْخُفَّيْنِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَمَسِّ الطِّيبِ، وَإِمَاطَةِ الْأَذَى، وَحَلْقِ شَعْرِ الْجَسَدِ، أَوْ مَوَاضِعِ الْحِجَامَةِ، الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ عَلَيْهِمَا دَمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ دَاوُدُ:
لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِي حَلْقِ شَعَرِ الْجَسَدِ.
فَإِذا أَمِنْتُمْ يَعْنِي: مِنَ الْإِحْصَارِ، هَذَا الْأَمْنُ مُرَتَّبٌ تَفْسِيرُهُ عَلَى تَفْسِيرِ الْإِحْصَارِ، فَمَنْ فَسَّرَهُ هُنَاكَ بِالْإِحْصَارِ بالمرض لا بالعدو، وجعل الْأَمْنَ هُنَا مِنَ الْمَرَضِ لَا مِنَ الْعَدُوِّ، وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ، وَعُرْوَةَ. وَالْمَعْنَى: فَإِذَا بَرِئْتُمْ مِنْ مَرَضِكُمْ.
وَمَنْ فَسَّرَهُ بِالْإِحْصَارِ بِالْعَدُوِّ لَا بِالْمَرَضِ قَالَ: هُنَا الْأَمْنُ مِنَ الْعَدُوِّ لَا مِنَ الْمَرَضِ، وَالْمَعْنَى: فَإِذَا أَمِنْتُمْ مِنْ خَوْفِكُمْ مِنَ الْعَدُوِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute