تنبيه: مر عن "التحفة" أن المراد بالفقد الحسي: تعذر استعمال الماء حساً وإن كان موجودا، كما في راكب سفينة خاف غرقاً من أخذه من البحر، وعليه فهذا السبب من الفقد الحسي أيضاً.
وأما الثاني .. فمنه شرعي كخوف خروج الوقت، والانقطاع عن الرفقة، ومنه: حسي كالخوف من نحو سبع، لكن نقل (ب ج) عن (ق ل)، و (ح ف): أن ذلك من الشرعي، ويمكن أن يقال: إن نحو السبع مانع حسي من حيث أنه مانع له منه، وشرعي؛ لكون الشرع مانعاً له منه.
المبيح الرابع: الحاجة إلى الماء، كما قال:
(ولو كان معه ماء يحتاج إليه لعطش حيوان محترم) بأن يخشى عليه من العطش مرضاً أو غيره مما يأتي، وإن كان غير آدمي، أو لغيره، أو لم يكن معه (ولو في المستقبل) وإن ظن وجود الماء فيه ( .. وجب التيمم) وكالاحتياج إليه لعطش الاحتياجُ لبيعه لطعم محترم، أو لنحو دين عليه، أو لغسل نجاسة، ومع الاحتياج إليه لذلك يحرم الطهر به وإن قل ما توهم احتياج محترم في القافلة إليه وإن كبرت جداً، وكثير يتوهمون أن الطهر به حينئذٍ قربة، وهو من إفراط قبحهم وجهلهم، ولا يكلف الطهر به وجمعه لشرب غير دابة؛ لاستقذاره، ويلزمه ذلك لدابة خشي عليها وكفاها الذي استعمله، وكالمستعمل متغير بمستقذر عرفاً، بخلاف المتغير بنحو عرق سوس، يلزمه شربه إن كان يدفع العطش، والتطهر بالماء.
ولا يجوز شرب نجس ما دام معه ماء طاهر، بل يشربه ويتيمم، ويجوز سقي الدابة النجس، ويتطهر بالطاهر.
وغير المميز كالدابة في اسقائه المستقذر لا النجس، ويجوز لعطشان إيثار عطشان آخر بالماء، ولا يجوز لمحتاج إلى طهر إيثار محتاج آخر إليه بالماء، وإن كان حدثه أغلظ، إذ لا يجوز الإيثار في القرب، لأنها حق لله، بخلاف الشرب فحقه، ومن ظن حاجة غيره إلى الماء مآلاً .. لزمه تزوده له إن قدر، ولا يجوز ادخار ماء ولا استعماله لطبخ، وبلِّ كعك يسهل أكله يابساً، لكن جوّز (م ر) التيمم لاحتياجه لذلك حالاً، والخطيب: جوّزه مطلقاً.