(وافتتاح تهجده بركعتين خفيفتين) غير الوتر؛ للاتباع (وإكثار الدعاء والاستغفار بالليل)؛ لخبر مسلم:"إن في الليل ساعةً لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيراً من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة"، ولأن الليل محل الغفلة.
(والنصف الأخير والثلث الأخير أهم) أي: أعظم تأثيراً في القبول؛ للخبر الصحيح:"ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني؟ فأستجيب له، ومن يسألني؟ فأعطيه، ومن يستغفرني؟ فإغفر له".
ومعنى (ينزل): ينزل أمره أو ملائكته أو رحمته، أو هو كنايه عن مزيد القرب المعنوي والرحمة، ويجب على كل مؤمن أن يعتقد من هذا الحديث وما شابهه من المشكلات الواردة في الكتاب والسنة، كـ (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[طه:٥](وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ)[الرحمن:٢٧] و (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)[الفتح:١٠] ونحو ذلك مما يوهم الجسمية أو الجهة: أنه ليس على ظاهرة؛ لقيام الأدلة العقلية باستحالة ذلك في حقه تعالى، والأدلة الشرعية إذا خالفت الأدلة العقلية .. وجب صرف الشرعية عن ظاهرها باتفاق السلف والخلف، إمَّا مع تفويض ذلك إليه تعالى، وهو مذهب غالب السلف، أو مع التأويل، كما هو مذهب غالب الخلف.
مثاله:(يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)[الفتح:١٠] .. فيجب باتفاق صرف اليد عن ظاهرها من الجسمية المعروفة، ونقول: له يد ليست جسماً، ولا تشبه أيدي الخلق بوجه، ثم نفوض معرفة ذلك إليه تعالى، وهو مذهب السلف، أو نؤولها بالقدرة، وهو مذهب الخلف، وقد بينت في "الأصل" هنا كثيراً من تخبيط أهل الضلال، وأوضحت ما يتعلق بذلك.
* * *
(فصل): فيما يتعلق بالجماعة في الصلاة من شروطها وآدابها ومكروهاتها ومسقطاتها وغير ذلك.
والأصل فيها: الكتاب والسنة، كخبر الصحيحين:"صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة".