(ونصفه الأخير) إن قسمه نصفين؛ أي: الصلاة فيه أفضل منها في النصف الأول؛ لقلة المعاصي فيه، وللخبر الصحيح:"أفضل الصلاة بعد المكتوبة جوف الليل"، وخبر:"ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة"، كما يأتي.
(وثلثه الأوسط) إن قسمه أثلاثاً (أفضل) من طرفيه؛ لخبر:"أي الصلاة أفضل؟ قال: جوف الليل"، ولأن الغفلة فيه أكثر، والعبادة فيه أثقل، وأفضل منه السدس الرابع والخامس؛ للخبر المتفق عليه:"أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داوود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه".
(ويكره قيام) أي: إحياء (كل اليل دائماً) ولو بعبادة وغير صلاة؛ للخبر الصحيح:"صم وأفطر، ونم وقم" .. إلخ، ولأنه من شأنه أن يضر، لكن قال كثير: فإن لم يجد به مشقة .. استحب، لاسيما المتلذذون بمناجاته تعالى، فإن وجدها وخشي منها محذوراً .. كره، وإلا .. فلا، ورفقه بنفسه أولى؛ لأن الطبيب الأعظم قد أرشد إليه من هو أعظم قدراً ومنزلة، وفي تركه سلوك للأدب، وهضم للنفس.
وخرج بـ (كل الليل): قيام بعضه، وبـ (دائماً): قيام ليال كاملة كعشر رمضان الأخيرة، وليلتي العيدين. وإنما لم يكره صوم الدهر بقيده؛ لأنه يستوفي بالليل ما فاته بالنهار، وهنا لا يمكنه نوم النهار كله أو غالبه؛ لأنه يتعطل به دينه ودنياه.
(و) يكره (تخصيص ليلة الجمعة) دون غيرها، ودون ما إذا ضم إليها ليلة قبلها أو بعدها، فلا كراهة (بقيام) أي: بصلاة، فلا يكره إحياءها بغيرها، ولا بها وبغيرها.
(و) يكره (ترك تهجد اعتاده) ونقصه بلا ضرورة؛ للنهي عنه في خبر:"لا تكن كفلان، كان يقوم الليل فتركه".
ويسن أن يتهجد في شيء من صلاة الليل بعد نوم ولو ركعتين.
(وإذا استيقظ .. مسح) النوم عن (وجهه، ونظر إلى السماء وقرأ: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)[البقرة:١٦٤] إلى آخر السورة) ندباً، وأن ينام أو يستريح من نعس، أو فتر عن صلاة أو غيرها حتى يذهبا.