وبما قررنا عُلِمَ تَضَمُّن الجملة الأولى لما يجب لمولانا على كل مكلف معرفته، وهي الثلاث عشرة صفة المذكورة، وكل كمال إجمالاً؛ إذ كمالاته لا نهاية لها، لكن لم نكلف إلا بما ذكر، واستحالة أضدادها عليه، وكل نقص، وأنه تعالى يجوز في حقه فعل ما شاء من الممكنات وتركه.
فقد اشتملت على ما يجب له تعالى، وما يجوز، وما يستحيل إجمالاً.
وها أنا اشرح ذلك تفصيلاً بحسب الإمكان، فأقول:
أما الواجب لمولانا تعالى الذي كلفنا بمعرفته .. فثلاث عشرة صفة:
الأولى: (الوجود) وتسمى صفة نفسية، وحالاً نفسية، وهو عند الشيخ: نفس الموجود وذاته.
وعليه فيعرَّف بأنه ما تحقق وأمكن وصفه.
فيخرج بـ (ما تحقق): السلوب كالقدم، والاعتبارات كصفات الأفعال. وبـ (أمكن وصفه): صفات المعاني.
وأوَّله المحققون بأن المراد بكونه نفس الذات: أنه ليس له حقيقة في الخارج قائمة به قيام البياض بالجسم -كما قاله المعتزلة والإمام- بل لا حقيقة له في الخارج إلا ذات الموجود، أما ذهناً .. فليس مفهومه مفهوم الذات؛ إذ مقابله العدم، ومقابلها الصفة.
قال السعد: (أدلة القائلين أن الوجود زائد لا تفيد إلا أنه ليس مفهوم وجود الشيء هو المفهوم من ذلك الشيء من غير دلالة على أنه عرض قائم به قيام العرض بالمحل، فهذا مما لا يقبله العقل.
وأدلة القائلين: إنه عينه إنما تفيد أنه ليس للشيء هوية، أي: تَشَخُّص، ولوجوده هوية أخرى قائمة بالأولى كقيام البياض بالجسم من غير دلالة على أن المفهوم من وجود الشيء هو المفهوم من ذلك الشيء، فهذا بديهي البطلان.
فإذاً يُجْمَع بينهما بأنه عينه خارجاً، وغيره ذهناً) اهـ.
ويكفينا الإيمان بوجوده تعالى من غير تعيين أنه غيره، ولا عينه.
وتجب له خمس صفات سلبية؛ لأن كلا منها: نفي أمر لا يليق بمولانا.