"يا بني عبد مناف؛ لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار". وروى الدارقطني، والبيهقي حديث:"لايصلي أحد بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا بمكة"، وهذا صريح في تخصيص عموم النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، وأن الصلاة المستثناة ليست من خصوص سنة الطواف؛ إذ لا ذكر للطواف فيه، وليست فيه خلاف الأولى عند حج؛ إذ الخلاف إذا خالف سنة صحيحة لا يراعي، وأما استثناء يوم الجمعة .. ففي خبر عند أبي داوود مرسل عضده ندب التبكير إليها وله شواهد، ومن عبر بكراهة تلك الصلاة كـ"المنهاج" .. أراد كراهة تحريم، وقيل: كراهة تنزيه، قال في "التحفة": وعليهما لا تنعقد؛ لأنها -أي الكراهة- بقسميها لذات كونها صلاة، وإلا لحرمت كل عبادة وهي تنافي الانعقاد؛ إذ لا يتناولها مطلق الأمر، وإلا كان مطلوباً منهياً عنه من جهةً واحدة، وهو محال.
(ولا يحرم) من الصلاة (ماله سبب غير متأخر) بأن كان متقدماً (كفائتة) ولو نفلا ً -وصلاة جنازة- أو مقارناً كصلاة استسقاء وكسوف، فإن سببهما -وهو التغير والقحط- مقارن دواماً، فيجب مقارنته للتحرم، فإن زال قبله .. لم تنعقد، وجعلهما (حج) مما سببهما متقدم؛ نظراً لتقدم السبب فيهما على التحرم وإن قارنه دواماً، ومما سببه متقدم منذورة ومعادة. (وسنة وضوء وتحية) لمسجد، وسنة طواف وقدوم (وسجدة تلاوة) أو شكر، فلا تحرم هذه المذكورات ونحوها (إن لم يقصدها) أي: يقصد إيقاعها وقت الكراهة لكونه وقت كراهة، وإلا .. حرمت ولو قضاءً مضيقاً؛ لأنه حينئذٍ كالمراغم للشرع، بخلاف مالو لم يتحر ذلك الوقت وإن وقعت فيه، أو تحراه لغرض آخر، كأن أخر صلاة الجنازة إليه لأجل كثرة المصلين عليها، فيجوز وتنعقد.
والمراد بالتأخر وقسيميه بالنسبة إلى الصلاة، لا إلى الوقت المكروه، فصلاة الجنازة من طهر الميت وإن وقع في الوقت المكروه، فإذا تم طهره في الوقت المكروه .. كانت مما سببه متقدم وهو الطهر، وهو متقدم على الصلاة وإن تأخر عن دخول وقت الكراهة.
(ويحرم ما) لا سبب (لها) أصلاً كنفل مطلق، أو لها (سبب متأخر عنها كصلاة