(يستحب) للذكر (الأذان) وهو لغة: الإعلام، وشرعاً: ذكر مخصوص، مطلوبٌ للمكتوبة أصالة، فلا يرد أنه يؤذن للأولى من المتواليتين فقط؛ لأن وقوع الثانية تابعة -حقيقة في الجمع، أو صورة في الفوائت، أو الحاضرة والفائتة- صيرها كجزء من الأولى، ودخل بأصالة المعادةُ فيؤذن لها، على خلاف فيها.
(والإقامة) مصدر: أقام، وشرعاً: الذكر الآتي؛ لأنه يقيم للصلاة، وهي مجمع عليها (للمكتوبة) كالأذان، وإنما اختلفوا في كيفة مشروعيتهما، فقيل: فرضا كفاية؛ لأنهما من الشعائر الظاهرة، وفي تركهما تهاون بالدين، وعليه: فيقاتل أهل بلد تركوهما.
والأصح أنهما سنة كفاية للجماعة -كالتسمية على الأكل وعند الجماع، والتضحية من أهل بيت، وابتداء سلام، وتشميت عاطس، وما يفعل بالميت من المندوب- وسنة عين لمنفرد كما في أكله ونحوه.
ولا بد في أذان الإعلام من كونه، بحيث يسمعه جميع أهل البلد لو أصغوا إليه، ففي بلد صغير يكفي في محل واحد، وفي كبيرة في محال وإن لم يصلوا إلا في محل واحد، كيوم الجمعة.
وفي أذان غير الإعلام للجماعة أن يُسمِع ولو واحداً منهم، وللمنفرد أن يسمع نفسه كما يأتي وإنما يسن الأذان للمكتوبة بقيدين:
الأول:(إن لم يصلها) بحاضرة أو (بفائته) أو مجموعة، وكذا بمعادة على ما مر.
والثاني: كونه (للرجل) أي: الذكر (ولو) صبياً، و (منفرداً) بعمران، أو غيره (ولو سمع الأذان) من غيره ولم يرد الصلاة معهم.
(و) يسن أيضاً (لجماعة ثانية) مع رفع الصوت به وإن كرهت، أو كانت بالبيت ولو جار مسجد؛ للخبر الصحيح:"إذا كنت في باديتك، أو غنمك فأذنت للصلاة .. فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة".
نعم؛ لا يسن رفع الصوت به في محل وقعت به جماعة، أو صلوا منفردين وإن لم ينصرفوا، (ولفائتة)؛ لإن بلالاً أذن للصبح لما فاتته صلى الله عليه وسلم، لما نام وهو وأصحابه حتى طلعت الشمس.